الوزير الشيخ: موافقة إسرائيلية مشروطة على إقامة ميناء بري في الضفة

تنزيل (21).jpg
تنزيل (21).jpg

رام الله/ المشرق نيوز

نقل موقع "المونيتور"  تصريحات لرئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ ، أكد فيها وجود موافقة إسرائيلية مشروطة على إقامة ميناء بري في الضفة الغربية لتخليص البضائع المستوردة من الجمارك.

جاءت تصريحات الوزير الشيخ خلال لقاءه مع القطاع الخاصّ في غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي سؤال لأحد الحضور عن إقامة الميناء البرّيّ في الضفّة الغربيّة، لتخليص البضائع المستوردة من الجمارك، قال الشيخ: إن "هناك موافقة إسرائيليّة على إقامة هذا الميناء، ولكن بشروطهم، وهو ما يؤخّر إقامته حتّى الآن".

وأضاف الموقع أن الشروط التي تحدّث عنها الوزير الشيخ تتعلّق بالسماح لبضائع دون غيرها بالدخول إلى هذا الميناء، وهو ما يرفضه الجانب الفلسطينيّ، ويطالب بتخليص جمركيّ للبضائع كافّة التي يستوردها التجّار الفلسطينيّون في هذا الميناء.

وأشار "المونيتور" إلى أن ما أعلن عنه الشيخ ليس بالجديد، ففي العودة إلى الوراء، كانت هناك تفاهمات فلسطينيّة -إسرائيليّة في أيلول/سبتمبر 2012 في هذا الشأن، ولكن دون أن يتمّ الاتّفاق على مكان لإقامته في حينه.

ونوه الموقع، لكنّ الوزير الشيخ تحدّث عن تحديد مكان في بلدة ترقوميا في جنوب الخليل، حيث تقوم الهيئة العامّة للمدن الصناعيّة والمناطق الصناعيّة الحرّة التابعة إلى السلطة الفلسطينيّة بإقامتها، لتكون تابعة إلى منطقة ترقوميا الصناعيّة.

وبدوره قال رئيس الهيئة العامّة للمدن الصناعيّة والمناطق الصناعيّة الحرّة علي شعث، إنّ الهيئة تقوم بالترتيب لإنشاء هذه المنطقة ضمن المنطقة الصناعيّة في ترقوميا والتي ستتكوّن من 3 أقسام، الأوّل المنطقة الصناعيّة والمصانع الموجودة فيها، ثمّ منطقة الميناء البرّيّ "البوندد"، ومنطقة لوجستيّة تخدم الجهتين بتمويل صينيّ.

وأضاف شعث أنه لا موافقة نهائيّة حتّى الآن على تنفيذ هذه المرحلة، ولكنّ العمل فيها جارٍ لتكون جاهزة في حال تمّ التوصّل إلى اتّفاق سياسيّ في شأنها.

وأوضح موقع "المونيتور"، حسب المخطّط الموضوع من قبل الهيئة، فإنّ هذه المنطقة ستستقبل البضائع التي يتمّ استيرادها في الخارج، وتخزينها في صوامع سعتها متاحة لـ6 أشهر.

ويرى مدير شركة "ريان سنتر للتجميل" في رام الله التاجر ناصر صلاحات، كما باقي التجّار، في إقامة الميناء البرّيّ الفلسطينيّ خلاصاً له من المشاكل التي تواجهه مع كلّ شحنة يستوردها من الخارج.

وقال صلاحات: "نعمل على استيراد بضائع لتوزيعها في مواسم الصيف، ولكنّ هذه البضاعة أحياناً وبسبب التأخير في الموانئ الإسرائيليّة تصلنا متأخّرة، وهو ما يجعلنا نفقد أهمّ مواسم لدينا".

بحسب صلاحات، التأخير متفاوت، وتابع: "حاليّاً، نحن ننتظر ببضاعة مخزّنة في الميناء الإسرائيليّ من 7 أشهر، وما زالت عالقة، وفي بعض الأحيان التأخير يكون أقلّ".

ولكنّ هذا التأخير يعني خسارة يتحمّلها التاجر، فكلّ يوم تبقى فيه البضاعة في الميناء الإسرائيليّ، يدفع التاجر أجرة تخزين وحجز أرضيّات، وفي المقابل، لا يستطيع رفع أسعارها في السوق وهو ما يقلّل الربح، وأحياناً يؤدّي إلى الخسارة، كما في حال البضاعة التي توزّعها شركة صلاحات.

وتحدّث صلاحات عن إشكاليّة ثانية، فأيّ خلل بإرسال البضاعة من المصدر يتمّ حجزها لسنوات وأحياناً إتلافها.

وإذا كانت بضاعة شركة صلاحات لا تحتمل رفع سعرها حين توزيعها على السوق، فإنّ هذا لا ينطبق على باقي البضائع التي يتحمّل أحياناً المواطن فرق تكلفة التخزين في الموانئ الإسرائيليّة في حال حجزها، وهو ما يجعل معظم البضائع تباع بأسعار تفوق حتّى نظيرتها الإسرائيليّة، كما يقول مدير غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة عبد الغني العطاري.

وأكد العطاري أن إنشاء هذه الميناء خطوة أولى لانفكاك التّجار الفلسطينيّين عن الجانب الإسرائيليّ في شكل كامل.

وعن البضائع التي ترفض إسرائيل استقبالها في الميناء الفلسطينيّ في حال إقامته، يقول العطاري: "الحديث عنها يدور عن البضائع الكحوليّة والدخان والتي تعود بجمارك عالية جدّاً"، وهو ما يشير إلى استفادة اقتصاديّة عالية تعود على إسرائيل من عدم وجود هذا الميناء.

رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل عبدو إدريس، وهي المحافظة التي ستنعكس على اقتصادها إيجابيّات هذا الميناء في شكل كبير، نظراً إلى تركّز الصناعات فيها، تحدّث عن أهمّيّة هذا الميناء الذي سيكون نقله نوعيّة في الاقتصاد الفلسطينيّ.

وقال لـ"المونيتور" إنّ إسرائيل تتحكّم بكلّ عمليّات النقل، وتفرض على التجّار تكلفة نقل وتخزين وتخليص جمركيّ مرتفعة جدّاً، إلى جانب التأخير الذي أحياناً لا يعرف سببه، وكلّ هذه التكلفة الإضافيّة في النقل والتخليص تزيد من الأسعار على المواطن.

وتابع: "ووجود الميناء البرّيّ يعني انفكاكاً اقتصاديّاً حقيقيّاً". ولكنّ هذا الانفكاك يجب أن يكون دائماً وغير مرتبط بالتطوّرات الأمنيّة والسياسيّة بين الطرفين، بحسب عبدو، وهو ما يحتاج إلى ضمانات ومراقبة دوليّة دائمة. وأضاف: "من الصعب استثمار أموال طائلة في الميناء من دون ضمانات بعدم توقيف العمل به من قبل إسرائيل لأسباب أمنيّة أو في حال أيّ خلاف سياسيّ، نحتاج إلى ترتيبات واضحة كي لا ننزلق في مأزق بروتوكول باريس الاقتصاديّ مرّة أخرى".

جاء إعلان الشيخ عن الميناء البرّيّ بالتزامن مع توسيع دائرة العمل في تصدير البضائع الفلسطينيّة إلى إسرائيل ضمن اتّفاق فلسطينيّ-إسرائيليّ، بدأ العمل به في حزيران/يونيو الفائت عرف باسم "Door to Door"لتسريع وصول البضائع الفلسطينيّة إلى الأسواق الإسرائيليّة، حيث شاركت فيه 9 من أكبر المصانع في السلطة الفلسطينيّة في الخليل.

يقول إدريس إنّ هذا الاتّفاق تمّ من خلال الهيئة العامّة للشؤون المدنيّة الفلسطينيّة والإدارة المدنيّة الإسرائيليّة، حيث تقوم مركبات نقل تحمل لوحات تسجيل إسرائيليّة بنقل البضائع من المصانع المشاركة في الاتّفاق إلى إسرائيل من دون توقيف أو تأخير.

وبحسب إدريس، فإنّ التوجّه الآن إلى توسيع نطاق العمل في هذا الاتّفاق لمزيد من الشركات من الخليل وغيرها، في حال التزمت بالشروط التي وضعتها لها إسرائيل، وهو ما يجعل هذا الاتّفاق في يد الجانب الإسرائيليّ في الكامل، ويجعل التجّار الفلسطينيّين يتحفّظون على هذا المشروع.

وتابع: "هذا المشروع من جانب يزيد التبعيّة الاقتصاديّة لإسرائيل، ويعطّل نظام النقل الفلسطينيّ، فحسب شروط اتّفاق النقل فقط بمركبات إسرائيليّة، نريد التعامل بالمثل في مثل هذه الاتّفاقيّات لتكون ذات جدوى حقيقيّة".

وبين مطالبات بميناء برّيّ فلسطينيّ كامل السيادة في الضفّة الغربيّة لتخليص البضائع المستوردة، وبين تحسين ظروف اتّفاقيّات التصدير إلى إسرائيل، تبقى مئات القضايا الاقتصاديّة العالقة بين الجانبين والتي كان من المفترض أن ينظّمها بروتوكول باريس الاقتصاديّ الموقّع بين الطرفين في عام 1994.