غازي حمد وشيطنة الانتخابات ... كتب عوني المشني

غازي حمد وشيطنة الانتخابات ... كتب عوني المشني
غازي حمد وشيطنة الانتخابات ... كتب عوني المشني

الكاتب: عوني المشني

تصريحات غازي حمد والتي جاءت تحت عنوان " الانتخابات ... المهدي المنتظر ام المسيح الدجال ؟!! " تستحق التوقف، وتستحق اكثر من النقاش، فهي صادمة لمن لا يعرف حماس وهي كشف غير مسبوق لموقف حماس الحقيقي من مفاهيم تداول السلطة والديمقراطية .

السيد غازي حمد يسوق جملة من الأسباب تجعل الانتخابات مسيحا دجالا لا تساهم في بناء نظام ديمقراطي مستقر ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل الاحتلال

المسالة الأهم بان كل الأسباب التي تجعل من الانتخابات وهما وغير قادرة على الارتقاء بالمشروع الوطني والتي يسوقها غازي حمد كانت موجودة وبنفس الوضوح قبل الانتخابات التي حصلت عام ٢٠٠٦ وشاركت بها حماس وحققنت نجاحا احتفلت به حماس وما زالت تطرحه كمبرر لاستيلاء على السلطة ، فما الذي تغير وجعل من غازي حمد وحماس تضع الف عصا في دواليبها ؟؟!!! ولا حاجة هنا لنقاش المبررات التي يقدمها السيد غازي حمد لشيطنة الانتخابات ، فتلك المبررات أشبعتها الفصائل والصادرات الحزبية الفلسطينية نقاشا وبحثا وتمحيصا وفي كل مناسبة تطرح او تجرى فيها انتخابات ، وبعد هذا البحث والتمحيص تجد الأغلبية الساحقة تقرر المشاركة في الانتخابات باعتبارها " إنجاز وطني يجب البناء عليه " .

السؤال الأهم ما الذي تغير حتى يغير غازي حمد موقفه ويعتبر الانتخابات مسيحا دجالا ؟؟؟.

وبدون تحليل او تشريح للمواقف لا يوجد سوى متغير واحد وهو ان حماس تسيطر لوحدها على غزة ، ولا تريد انتخابات تدخل لها شركاء محتملين في هذا المكسب الذي شكلت الانتخابات مدخلا له والقوة الغاشمة جوهره لا شيئ جديد في كل مبررات غازي حمد، لا شيئ جوهري مختلف يجعل حماس ان تغير موقفها سوى هذا الانتخابات جرت في نفس الظروف ووفق نفس الشروط التي ستجري فيها الان.

ربما ان الانقسام هو الجديد ، هنا حماس لا تريد للشارع ان يصدر احكامه بشأن الانقسام وينهيه عبر الصندوق ، حماس تريد توزيع حصص عبر ما يدعى حوار وطني يعيد الوحدة ، وتريد ذلك على ارضية نتائج الانتخابات التي جرت عام ٢٠٠٦ هذا ببساطة شديدة ما تطمح حماس اليه.

وايا كانت المبررات والأهداف التي تجعل الرئيس ابو مازن وفتح تدعم فكرة الانتخابات فان فكرة انتخابات وتداول السلطة بطريقة ديمقراطية فكرة سديدة تستحق الدعم، وحتى لو كانت مناكفة سياسية فهي مناكفة بأسلوب ديمقراطي مقبول جماهيريا، وحتى لو كانت تحت الاحتلال فهي مقبولة فكثير من الانتخابات جاءت تحت الاحتلال واتت بنتائج ضد الاحتلال ذاته ونذكر بانتخابات البلديات التي جاءت بسام الشكعة وكريم خلف وفهد القواسمة واخرون مما عزز الوطنية الفلسطينية وأفشل منهج وأدوات الاحتلال .

الجديد ان توجهات الجمهور اختلفت بعد تجربة ثلاثة عشر عاما من الحكم حماس في غزة والضفة، اصبح للجمهور او للغالبية منه رأي مختلف ، حماس لا تريد للجمهور ان يقول كلمته في تلك التجربة المعمدة بالانقسام وتكميم الأفواه والمغامرات السياسية والاصطفافات الإقليمية على حساب قضيتنا الوطنية ، حماس اعتبرت انتخابات ٢٠٠٦ تفويضا أبديا غير قابل للنقض بانتخابات جديدة .

الجديد ان حماس استمرأت الحكم في غزة ولا تريد طريقا يؤدي إلى تداول السلطة بشكل ديمقراطي وتعتبر ان الانتخابات أي انتخابات ليست ضرورة ما دامت تتحكم بمسار الأمور وما منع انتخابات مجالس الطلبة والبلديات في غزة الا تعبيرا عن هذا التوجه، هذا يقودنا لمقولة كان تكرارها سابقا نوع من التحليل والآن أصبحت مؤكدة وهي ان الإسلام السياسي بعموميته وحماس على وجه خاص تؤمن بديمقراطية لمرة واحدة وبما يوصلها للسلطة ليس اكثر.

لن ادخل في التفاصيل حول ما أورده السيد غازي حمد، فكل ما ساقه من تحليل هو شكل من أشكال لوي عنق الحقيقة لتخدم توجهات سياسية لفصيل سياسي بعينه ، ليس لها علاقة بالمنطق ما دامت مواقف استخدامي لتبرير منع الانتخابات في غزة، ان اخطر ما في هذا التوجه هو أخذ الشعب الفلسطيني في غزة رهينة لموقف حزبي ضيق الأفق كما أخذ متراس للدفاع عن حماس في حروب سابقة، وكما أخذ مصدر تمويل لتغطية نفقات حماس أيضا، وأيضا وأيضا وأيضا الكثير مما لا يحتمله هذا المقال.

ربما الانتخابات ليس المهدي المنتظر ولكن حكم حماس في غزة ليس حكم العادل عمر بن الخطاب، وهذا يجعل الجمهور تواقا للانتخابات للبحث - بدون اراقة الدم- عن مهدي منتظر.