متاعب مصر: الاقتصاد والأمن بقم : ويليام رو

متاعب مصر: الاقتصاد والأمن  بقم : ويليام رو
متاعب مصر: الاقتصاد والأمن بقم : ويليام رو

 متاعب مصر: الاقتصاد والأمن  بقم : ويليام رو

يزداد الشعب المصري انتقاداً لرئيسه، لفشله في حل مشكلات البلاد المتعددة، خصوصاً الاقتصاد المتدهور والموقف الأمني المتردي.

وفيما يخص المشكلات الاقتصادية، فإن أرقام الإحصائيات الخاصة بحالة الاقتصاد المصري منذ سقوط مبارك في عام 2011، تروي قصة دراماتيكية. فالاستثمارات الأجنبية المباشرة هبطت بنسبة 56 في المئة، وكان السبب في هبوطها -لحد كبير- عدم اليقين بشأن الحالة الأمنية وأسلوب الحكم المصري الحالي. أما السياحة التي كانت تجلب لمصر في عهد مبارك مليار دولار شهرياً، فتعاني من الركود لنفس الأسباب تقريباً، في حين هبط احتياطي البلاد من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار إلى 14 مليار دولار. ذلك التردي دفع اقتصادياً مصرياً بارزاً، هو وزير المالية الأسبق سمير رضوان، إلى القول مؤخراً بأن بلاده تمر في الوقت الراهن بأسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.

وكان الفقراء المصريون هم أكثر المتضررين من الأوضاع الاقتصادية المتردية. فنصف عدد سكان البلاد يعيشون على أقل من دولارين يومياً، أو قريباً من حد الفقر. وهم أكثر من يعانون من ارتفاع نسبة البطالة وزيادة أسعار المواد الغذائية والوقود. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الحكومة المصرية، ومنذ الحقبة الناصرية، حافظت على دعم الخبز وغاز الطهي والأسمدة، لمساعدة الفقراء وفلاحي مصر، لكن قيمة ذلك الدعم ازدادت لدرجة أنها تصل إلى خمس الميزانية العامة للدولة في الوقت الراهن، مما يشكل عبئاً كبيراً على اقتصاد البلاد.

ويخشى مرسي من تخفيض ذلك الدعم الآن بسبب التداعيات السياسية السلبية المتوقعة. فهو يتذكر ما حدث في عام 1977 عندما قلص السادات الدعم على الخبز وعدد من السلع الأساسية الأخرى، لأسباب اقتصادية، فاندلعت المظاهرات العنيفة ضده وأجبرته على إلغاء قراره بهذا الشأن.

والآن، يعرض صندوق النقد الدولي قرضاً لمصر بقيمة 5 مليارات دولار تقريباً، لكن مرسي لم يقبله لأنه مشروط بإجراء إصلاحات اقتصادية، وذلك لخشيته من أن تؤدي تلك الإصلاحات إلى احتجاجات سياسية تؤدي لتقويض رئاسته. وهو على ما يبدو ينتظر إجراء اقتراع لانتخاب برلمان جديد حتى يضطلع أعضاؤه بموضوع الموافقة على القرض المشروط، وبالتالي يبعد النقد عنه. لكن موعد تلك الانتخابات أُجل أكثر من مرة، وقد لا تتم قبل عام 2014 مع استمرار الأوضاع في التدهور.

وخلال زيارتي الأخيرة لمصر، لاحظت صفوفاً طويلة ممتدة من الشاحنات أمام محطات الوقود، انتظاراً للحصول على الديزل الذي تعاني البلاد من نقص في كمياته المتوافرة. وتفيد التقارير بأن أسعار الديزل في السوق السوداء قد ارتفعت بنسبة تتراوح بين 40 و80 في المئة فوق سعره الرسمي، ومن المتوقع أن تزداد هذه الحالة سوءاً خلال فصل الصيف عندما يحتاج المزارعون للديزل لحصاد محاصيلهم وإرسال منتوجاتهم للسوق.

وفيما يخص الحالة الأمنية، فإنها هي أيضاً قد تدهورت منذ سقوط مبارك. فعندما كنت أعيش في القاهرة إبان عهد السادات وعندما كنت أزورها في عهد مبارك، كانت واحدة من أكثر المدن أماناً في العالم. كانت حوادث السرقة تكاد تكون غير موجودة، وكنا نشعر بالاطمئنان التام في أي مكان من مصر وفي أي وقت من الليل أو النهار. لكن خلال الانتفاضة على نظام مبارك، عبّر الشعب عن غضبه على الشرطة لفسادها ووحشيتها المنهجية، وقام بحرق أقسامها ومهاجمة رجال الأمن مما أجبر الكثيرين منهم على خلع ملابسهم والتوجه لمنازلهم. ولم تفعل الحكومات التي جاءت بعد مبارك، سواء تحت حكم المجلس العسكري أو تحت حكم مرسي، سوى القليل لتجنيد المزيد من أفراد الشرطة وتقديم التدريب الملائم الذي يمكّنهم من حماية المواطنين، وهو ما أدى إلى زيادة معدلات الجريمة بنسبة 350 في المئة خلال عام 2012، وهو ما يجعل الشعب ساخطاً على الحكومة ويؤدي أيضاً لتنفير السائحين والمستثمرين الأجانب.

وإلى جانب هذه المعضلات هناك أيضاً معضلة أخرى وهي «المعارضة الضعيفة»، فسبب المشكلات القائمة، فإن الانتقاد الشعبي لمرسي وحزبه، ازداد باطراد منذ انتخابه قبل عام تقريباً، حيث ينظر إليه على نطاق واسع على أنه حاكم غير كفؤ، كما يعترف أنصاره بارتكابه بعض الأخطاء بسبب قلة خبرته. ومع ذلك كله هناك فرصة جيدة لبقائه في السلطة لبعض الوقت. فعلى الرغم من أنه لا يعرف كيف يحكم جيداً، إلا أنه وهو وحزبه وحلفاؤه السلفيون يعرفون كيف يفوزون في الانتخابات.وكما فازوا بالانتخابات الماضية، فمن المحتمل أن يستمروا في ذلك، وهو ما يرجع، إلى حد كبير، لعدم وجود معارضة قوية تهدد حكمه، خاصة بعد أن نجح على ما يبدو في تحييد قيادة الجيش الذي كان يحظى بالاحترام عندما تولى المسؤولية عقب سقوط مبارك، لكن سمعته تلوثت بعد ذلك وهو ما يجعل قادته غير راغبين في تولي زمام المسؤولية مرة أخرى. وعلى الرغم من أن المتظاهرين يستمرون في التجمع في ميدان .