مع انطلاق العام الجديد.. هل سننصف معلمينا لأداء رسالتهم المقدسة؟!! بقلم أ . عاطف صالح المشهراوي

عاطف المشهراوي.jpg
عاطف المشهراوي.jpg

مع انطلاق العام الجديد.. هل سننصف معلمينا لأداء رسالتهم المقدسة؟!!

بقلم أ . عاطف صالح المشهراوي – صحفي وكاتب إعلامي أكاديمي

لا شك أن المعلم في مجتمعنا الفلسطيني حين يدرك أن رسالة التربية والتعليم التي تستمد أخلاقياتها من الشريعة الإسلامية والتي تنطلق منها مبادئ حضارتنا .. فإنه يستشعر يذلك عظمة رسالته التعليمية ويعتز بها .. وهذا ما يدعوه إلى الحرص على نقاء سيرته وطهارة سريرته .. ! ليحفظ للمهنة شرفها ، فهو بذلك مثالاَ للمسلم المعتز بدينه والمقتدي برسوله ، فإدراكه لكل هذا يملي عليه أن الانضباط والاستقامة والصدق والأمانة والحزم والتسامح وحسن المظهر وبشاشة الوجه ... سمات أساسية في تكوين شخصيته ، فالانضباط والأمانة تمليان عليه أن الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله هو ضميره اليقظ وحسه الناقد اللذان لا ترقى إلى مستواهما أي رقابة خارجية مهما تنوعت أساليبها ، فهو يسعى إلى بث الشعور بالرقابة الذاتية بين طلابه ومجتمعه ليحقق بذلك مفهوماَ راسخاَ للمواطنة لدى الطلاب والمجتمع عامة ، ومبدأَ راسخاَ للاعتدال والتسامح والتعايش ، حينها تصبح لحمة العلاقة بين المعلم وطلابه هي الرغبة في نفعهم والشفقة عليهم ويصبح أساسها المودة ، لأنه قدوة لطلابه خاصةَ ومجتمعه عامةَ . ولهذا فهو يحرص على أن يكون أثره في الناس محموداَ وباقياَ . وهذا يتأتى من حرصه على طلابه وبذله الجهد في تعليمهم وتربيتهم وتوجيههم ، وعدله بين طلابه في كل شيْ ، لأنه يعي أن صفة الصدق و الأمانة تتطلب كل هذا منه ، كما تتطلب منه صفة التسامح والرفق فعلى المعلم أن يعي أن الطالب ينفر من المدرسة التي يستخدم فيها العقاب البدني . ولكي يكون المعلم فاعلاَ في مجتمعه عليه أن يغرس ويعزز في نفوس طلابه الإحساس بالانتماء لدينهم ثم لولاة أمرهم ووطنهم ، وينمي فيهم ضرورة التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى ، لأنه يدرك أنه موضع ثقة وتقدير المجتمع ، فهو يحرص على ان يكون في مستوى تلك الثقة ، فالآمال تعلق عليه في طلب التقدم المعرفي والارتقاء العلمي ، فالمعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة بالإضافة إلى المجتمع ، فعليه أن يوطد علاقة المدرسة والبيت والمجتمع ويتشاور مع الأسرة في كل ما يهم مستقبل أبنائها ، وان كل ما سبق يسهل على المعلم تحقيقه بتحقيق الثقة المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحد مع زملائه المعلمين ومع الإدارة التربوية واحترامه قواعد السلوك الوظيفي والتزامه بالأنظمة والتعليمات . ومنذ القدم والنظرة للمعلم نظرة تقدير وتبجيل ، وعلى أنه صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصور لأن مهنته رسالة وليست وظيفة ، فهو معلم الأجيال ومربيها . وإذا أمعنا النظر في معاني هذه الرسالة المقدسة والمهنة الشريفة خلصنا القول إلى أن مهنة التعليم الذي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها ، فعلى سبيل المثال أن بعض الأمم قد تعزي فشلها أو نجاحها في الحروب إلى المعلم وسياسة التعليم ، كما أنها تعزي تقدمها أو عدم تقدمها في مجالات الحضارة والرقي إلى المعلم أيضا وسياسة التعليم . أيها المعلم الفاضل / إن تكن معلماَ تربوياَ فهذا امتياز .. لذلك فأنت مسئول ومسؤولياتك تتضاعف أمام مريديك وطلابك طلاب العلم والإيمان والأدب والمعرفة .. وسوف تجد نفسك متحملاَ لمسؤولياتك أمامهم مضافاَ إليهم الناس من حولك لأنك في نهاية المطاف أنت الأستاذ وليست هذه بالمفردة السهلة كما انه ليس من مجانية الوصف إن قيل قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ، والأصل فيك أيها المعلم ( الأستاذ ) أن لا يكون دورك مقتصراَ فقط على التعليم داخل أسوار المدرسة ، لأنك موجود قبل أن توجد المدرسة ، ومن هذا المنطلق فانك تحمل عبئاَ عاماَ نتيجة اتصالك بالطلاب الذين يعكسون حال أسرهم وبالتالي يعكسون واقع المجتمع فكرياَ وأخلاقيا وتربوياَ واقتصادياَ .. فأنت أكثر دراية بأحوال الناس وتفاصيل حياتهم اليومية ، هكذا ينبغي ان تكون أيها المعلم المربي الفاضل . لذلك لم يكن من الغريب أن نراك في العديد من الشخصيات القيادية سواءَ كانت تربوية أو سياسية أو جهادية أو فكرية أو اجتماعية ، لذلك فان حياتك ليست لك وحدك بل هي للمجتمع ولمن حوله ، فأنت أيها المعلم ركناَ أساسيا في العملية التربوية والتعليمية. إذ يقع عليك العبء الأكبر في بناء شخصية الأفراد وإعدادهم للحياة ليعبدوا الله تعلى بصيرة يخدمون مجتمعهم ووطنهم ودينهم و أمتهم ، فأنت أيها المربي الفاضل دعامة أساسية في بناء أي مجتمع من المجتمعات وأنت النور الساطع الذي يبدد دياجير الظلام في كل الزوايا المظلمة في المجتمع وأنت دفقات حب وإيمان تتدفق عبر العقول المتعطشة للبحث عن زاد العلم والمعرفة وأنت الذي تعلم أبناءنا حب الأوطان وتعلمهم قراءة التاريخ الذي نحن لأمجاده دوما ، وتعلمهم أن الكرامة هي ان نجوع دون أن نركع لنأكل طعاما يصنعه لنا أعداؤنا ، وتعلمهم أن لا يستنشقوا هواء غير هواء بلادنا وان لا يفكروا بفكر غير فكرنا.. أيها المعلم .. أيها الأستاذ .. أيها المربي الفاضل أنت تلك الرسالة التي بها يتطور المجتمع ويصل نحو الأفضل . ستبقى المثال المقتدى .. والرمز النظيف .. والضمير الحي .. والصرخة المدوية المسموعة .. ستبقى رغم هذا الزمن الذي اختلطت فيه كل الصور والألوان معلما من معالم هذه الأرض الطيبة المباركة . كل عام وأنت بألف خير ..