آفاق زيارة كيري القادمة -- بقلم: عادل عبد الرحمن

آفاق زيارة كيري القادمة -- بقلم: عادل عبد الرحمن
آفاق زيارة كيري القادمة -- بقلم: عادل عبد الرحمن

خلال الايام القليلة القادمة يعود جون كيري في جولة جديدة للمنطقة للقاء القادة الفلسطينيين والاسرائيليين لكسر الاستعصاء الاسرائيلي، وايجاد نافذة لعودة المفاوضات بين الجانبين. 
لكن وزير الخارجية الاميركي خفض سقف التفاؤل، عندما اعلن في بولندا مؤخرا، قائلا : من المبكر الحديث عن إمكانية تحقيق تقدم بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ولهذا اجرى اتصالا مع الرئيس عباس، وطلب منه مهلة جديدة حتى الـ 20 من حزيران الحالي. لا سيما وان المهلة الاولى كان من المفترض ان تنتهي في الـ 7 من الشهر الحالي (اي عمليا انتهت) وباتت خلف ظهورنا. 
غير ان المراقب لتطور الموقف الاسرائيلي يلحظ، ان المهلة الجديدة لن تسعف رئيس الدبلوماسية الأميركية في إحداث أي قفزة نوعية بين الجانبين، حيث ان الساحة السياسية الاسرائيلية وخاصة الرسمية (الحكومية) لم تتورع عن الاعلان الصريح والمباشر على لسان اكثر من مسؤول عن دعم الاستيطان في الاراضي المحتلة عام 1967، اولهم نفتالي بينت، وزير الاقتصاد، الذي قام بزيارات عديدة لعدد من المستوطنات، واعلن، بضرورة الكتابة على السلع المنتجة في المستوطنات، بأنها "صنعت في ارض السلام!؟" ردا على موقف دول الاتحاد الاوروبي، الداعي الى وضع إشارات تمييزية على تلك البضائع بهدف مقاطعتها في اسواق دول الاتحاد . كما اكد على مواصلة الاستيطان.


ايضا يجري الدفع بقانون "يهودية" الدولة الاسرائيلية في الكنيست، وبناء شارع التفافي بجوار المنطقة E1 وذلك بهدف اقناع الأميركيين والاوروبيين, أن البناء في المنطقة E1 لا يؤثر على خيار الدولتين . وهناك اعلان العديد من العطاءات وقرارات البناء في عدد من المستوطنات المقامة في القدس، فضلا عن قيام رئيس الشاباك يورام كوهين بشن هجوم على شخص الرئيس ابو مازن، واتهامه بـ"عدم" رغبته باتمام عملية السلام! ما فتح شهية العديد من قوى اليمين لمواصلة الهجوم, منهم إيليت شكيد، رئيسة كتلة البيت اليهودي؛ وحتى يتسحاق هرتسوغ، رئيس كتلة العمل، ذهب في ذات الاتجاه؛ وعمرام متسناع إدعى ان ابو مازن ونتنياهو لا يملكان الطاقات لدفع المفاوضات .. وسلسلة طويلة من الانتهاكات والاجراءات المعادية لمصالح الشعب وخاصة الاطفال الفلسطينيين، حيث وضعت قوات الجيش منشورات في قرية كفر قدوم بأسماء عدد من الاطفال على اعتبار انهم مطلوبون !؟ 


هذه الانتهاكات الاسرائيلية تعطي مؤشرا قويا بأن حكومة نتنياهو لبيد وبينت ليست معنية بالسلام, ولا تفكر إلا في كيفية تصفيته، والغاء خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. وبالتالي اي حديث عن امكانية تحقيق جون كيري تقدما ما, هو حديث غير واقعي ولا يمت للحقيقة بصلة. 
متى يمكن إذاً الافتراض عن تقدم نحو حل الدولتين؟ فقط عندما تلوح الولايات المتحدة خصوصا ودول الاتحاد الاوروبي وباقي دول العالم بسلاح العقوبات, وتشعر القيادة الاسرائيلية أنها ملزمة بدفع استحقاق عملية السلام. دون ذلك لا يمكن الحديث عن تقدم. وسياسة المداهنة والتزلف للقيادة الاسرائيلية، يمنحها الغطاء لمزيد من التبجح والفجور السياسي، وعدم الاستجابة لخيار السلام. 
وهذا الواقع يملي على القيادة العمل على اعداد السيناريوهات الافتراضية لمواجهة التحديات الاسرائيلية لاعادة الاعتبار للقضية الوطنية وخيار السلام على اساس الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.