الامانة الضائعة ... بقلم مصطفى اللداوي

الامانة الضائعة ... بقلم مصطفى اللداوي
الامانة الضائعة ... بقلم مصطفى اللداوي

الامانة الضائعة ... بقلم مصطفى اللداوي

ليس اللص هو ذاك الذي يسرق ما يقتات به، وما يطعم به أولاده وأسرته، وما يقيم به صلب من يعيل من صغارٍ وعجزة، وإن كان يبقى لصاً سارقاً، يجب معاقبته ومحاسبته، فلا تغفر حاجتُه جريمته، ولا يخفف من جرمه فقرُه وعوزُه، ولا يمنع عقابه صراخُ أطفاله وعويل نسائه، ولكن تجب مساعدته، وتقديم يد العون له، لئلا يسرق أو يضطر لمد يده.

أما اللص الحقيقي، والمجرم بامتيازٍ، فهو الذي يسرق قوت شعبه، ويحوز على مساعدات أهله، ويخص نفسه بما ليس له، أو يؤثر أهله ومعارفه، ويفيض بالعطاء على من لا يحتاج، ويجود بما لا يملك لمن لا يستحق، أو يكتنز المساعدات، ويخفي المعونات، أو يهرب الأموال، أو يحرم غيره من حقه، أو يحول دون نيله له، وهو يعلم أنه له حق، وأنه يحتاجها أكثر من غيرها، وأنه ينتظر الحصول عليها طيلة حياته.

اللص السارق هو الذي يسرق جهود غيره، وإنجازات الآخرين من شعبه، ويدعي كذباً أنها له، وهو يعلم أن غيره أحق بها وأولى، فهو صانعها ومالكها، وهو صاحبها ومنتجها، وإن كانت مساعدات فهي له وبسببه، وهي من أجله دون غيره، وإن كانت مكتسبات فهو بها شريك، وله الحق أن يكون له منها نصيب.

ذاك اللص يُصلبُ ويُحرمُ، وهذا اللص يُكافأُ ولا يعاقبُ، فهل مات قراقوش واندثرت أحكامه، أم أنه ما زال حياً فينا وتطورت معاييره .......