حول خلافات فتح الداخلية ...د. سفيان ابو زايدة

حول خلافات فتح الداخلية ...د. سفيان ابو زايدة
حول خلافات فتح الداخلية ...د. سفيان ابو زايدة

حول خلافات فتح الداخلية ...د. سفيان ابو زايدة

استوقفني خبر نُشر حول خلافات داخلية في حركة حماس حول الموقف من ايران و حزب الله و قطر ، و على الرغم من نفي بعض قيادات حماس لهذا الخبر الا انه من الطبيعي جدا ان تواجه حركة كبيرة و مهمة كحركة حماس خلافات بين قياداتها على قضايا من هذا النوع التي تؤثر بشكل كبير على مستقبل الحركة و شعبيتها و سياستها و تحالفاتها. كل الاحزاب و الحركات في العالم و على مر العصور شهدت تباينات في وجهات النظر بين زعاماتها، احيانا تم التغلب عليها و في احيانا اخرى كانت سببا في تفسخ و اضعاف و ربما زوال هذا الحزب او ذاك عن الخارطة.
حركة فتح و منذ ان تأسست في اواخر الخمسينات مطلع الستينات كان فيها تباين في وجهات النظر بين قادتها المؤسسين. من بين القضايا التي كان هناك تباين في وجهات النظر حولها على سبيل المثال، متى يعلن عن انطلاق الكفاح المسلح و ما هي علاقة الحركة بالتيارات المختلفة في العالم العربي و علاقاتها مع الدول العربية و تحالفاتها الدولية . ترعرنا في هذه الحركة على ان هناك قيادات اقرب الى اليسار و قيادات اقرب الى التيارات الاسلامية، و ان هناك تيار يريد المفاوضات و الاقتراب من امريكا و تيار آخر يريد الاستمرار في الكفاح المسلح، هناك تيار اقرب الى القومية و آخر الى المعسكر الاشتراكي.
قد يكون ما تعلمناه له اساس على ارض الواقع و قد يكون مبالغ فيه، لكنا ترعرنا على ان هناك فرق بين مدرسة ماجد ابو شرار و مدرسة خالد الحسن على سبيل المثال، و ان هناك فارق كبير بين صلاح خلف و بين ابو جهاد. هذا التباين في التفكير و المواقف لم يصل الى حد القطيعة او الـتآمر و الاستقواء بأعداء الحركة و خصومها و ان ياسر عرفات الذين جميعهم اختلفوا معه و لكنهم لم يختلفوا على قيادته و رمزيته شكل صمام الامان للحفاظ على وحدة الحركة و تماسكها.
السؤال الذي يحيرني هو ما هي طبيعة الخلافات في حركة فتح هذه الايام؟ سأكون سعيدا جدا اذا قال لي احد من الذين يتحدثون على ان هناك اجنحة و تيارات و صراعات في داخل فتح ان يقولوا لي و لابناء فتح على ماذا بالضبط نحن مختلفين؟
هل الخلاف بين تيار وطني يؤمن بعودة فتح للعمل العسكري و يرفض الاعتراف بأسرائيل و تيار آخر استسلامي يؤمن بأستمرار المفاوضات العبثية مع الاحتلال و استمرار التنسيق الامني معه حتى في ظل استمرار الاستيطان؟ اذا كان كذلك ارجوكم ان تقولوا لي من يقف على رأس هذا التيار او ذاك لكي احدد موقفي.
هل الخلاف في داخل فتح بين تيار يريد استمرار الانقسام و محاربة حماس بلا هوادة و تيار آخر يريد انهاء  الانقسام و المصالحة او التهادن مع حماس ؟
هل الخلاف بين قيادات طاهرة شريفة نزيهه غير ملوثه و غير فاسدة تؤمن بالشفافية و المحاسبة و قيادات اخرى فاسدة سارقة مارقة منحرفة تريد تخريب و تدمير الحركة؟، ارجوكم ان تقولو لي عناوين هذين التيارين لكي احدد موقفي؟ 
هل الخلافات في داخل فتح بين تيار يريد ان يحافظ على تاريخ الحركة و ارثها النضالي و الوطني و احترام اطرها و مبادئها و انظمتها و قرارات مؤتمرها السادس و العمل على تنفيذها و احترام  نتائج الانتخابات التي تمخضت عنها و العمل على المباشرة في الاعداد للمؤتمر السابع الذي اصبح استحقاقه على الابواب و تيار آخر ضد كل هذا و يريد ان يأخذ الحركة الى اماكن مظلمة تتحكم فيها الاحقاد و الحسابات الشخصية التي تفرق بين ابناءها بدل ان تجمعهم ؟
ما هو المقياس اليوم الذي يحدد الانتماء لفتح و الاخلاص لها و لابناءها و لتراثها النضالي الطويل؟ ما هو المعيار الذي يحدد على اساسه ان هذا انسان فتحاوي اصيل ووفي و مخلص و ملتزم و محترم ؟ في السابق كان الاختبار بسيط و الامتحانات شبه يوميه في مواجهة الاحتلال. المقياس كان للصلابة و الوفاء و صدق الانتماء و حب فتح و حب فلسطين.المقياس  كان يعتمد على قدرة الانسان في الصمود امام الجلاد في اقبية التحقيق و سلوكه و دورة في سجون الاحتلال. كان المقياس الاستعداد للتضحية و امتشاق البندقية و الاصرار على ان يكون من ضمن المقاتلين الذين يجب ان يكونوا ضمن المجموعة التي ستنفذ العملية، تماما كما فعلت الشهيدة دلال المغربية و رفيقيها حسين فياض و خالد ابو اصبع الذين ابقاهم حظهم السيئ على قيد الحياة.
ربما هناك من استغرب، حتى من اولئك القيادات التي عمرها من عمر فتح، استغربوا من حجم التفاعل و المشاركة في بيوت العزاء التي اقيمت للقائد الفتحاوي الكبير و الكبير جدا ابو علي شاهين. تقدم السن احيانا و الاحقاد الشخصية في احيان كثيرة كانت عائق امام التعالي على الصغائر و اعطاء هذا الرجل ما يستحق من تكريم .
هل تعرفون لماذا كان ابو علي شيئ مختلف عن السابقين و الاحقين من القيادات بأستثناء القائد الرمز ابو عمار؟ لان ابي علي من القيادات المعدودة التي جمعت بيت تجربتين، تجربة العمل العسكري حيث اول من اسس خلايا لفتح في الارض المحتلة و بين تجربة السجون الذي كان له شرف وضع اللبنات الاولى للحركة الوطنية الاسيرة في اواخر الستينات مطلع السبعينات، جمع بين تجربة المنفى و تجربة الداخل. و الاهم من كل ذلك ان ابي علي و في الوقت الذي لم يهادن في التعبير عن و جهة نظره و ينتقد الكبير قبل الصغير كان يؤمن بلملمة صفوف الحركة و ان قانون المحبة بالنسبة له هو العلامة التجارية المميزة لحركة فتح.
لا اعرف كم من ابناء فتح يعرفون مدى العلاقة التي كانت تربطه بالاخوين دحلان و جبريل الرجوب، كلاهما تتلمذا على يديه و كلاهما على الرغم من الحرب الطاحنة بينهما خاصة في السنوات الاخيرة تعاملوا معه معاملة التلميذ لمعلمه و الولد لابيه.
ابو علي و على الرغم من وقوفه مع الاخ دحلان بكل ما يملك في وجه الاجراءات الظالمه التي اتخذت بحقه لم يمنعه ذلك من مواصلة العلاقة مع الاخ جبريل الرجوب الذي كان يعرف انه شَكل رأس الحربة في معركة الرئيس مع دحلان. هذا ايضا لم يمنع جبريل و على الرغم من موقف ابو علي المتناقض تماما مع موقفه من مواصلة احترامة و تقديرة  و تواصله مع ابي علي حتى آخر رمق من حياته، هكذا فعل ايضا الاخ دحلان. هذه هي مدرسة المحبة التي حرص ابو علي على ان نتمسك بها، و التي اساسها  ان فلسطين اكبر من الجميع و ان فتح اكبر من كل الاشخاص و المسميات. 
Dr.sufianz@gmail.com