الرئيسية| اقتصاد| التفاصيل

أكاديمي: استقطاع أموال المقاصة كشف عمق الأزمة المالية المتراكمة للسلطة

51.jpg
51.jpg

غزة/ المشرق نيوز:

اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، أن خصم الاحتلال لأموال المقاصة التي يجبيها من ضرائب الفلسطينيين على المعابر كشف عمق الأزمة المتراكمة منذ سنوات طويلة بسبب سوء الإدارة المالية للسلطة.

وأوضح رجب أن هذه الأزمة "جزء من معاناة السلطة ومعاناة الاقتصاد الفلسطيني، وهي ناشئة عن سوء الإدارة المالية العامة في السلطة منذ تأسيسها".
وأشار إلى أن السلطة ومنذ دخولها لقطاع غزة عام 1994، اعتمدت على القروض وأخذت في التوسع بالنفقات، "ما يعني أن الإرادات غير كافية، لاعتمادها على الغير".

وتابع: "الأزمة قديمة حديثة، لكنها اشتدت الآن على السلطة في حالة المعاملة بين طرفين؛ طرف متحكم (الاحتلال) وطرف ضعيف (السلطة).

وأشار إلى أن "إسرائيل أصحبت تتحكم في كل مفاصل الحياة الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا، وبالتالي لجأت لفرض مزيدًا من صور الابتزاز".
وشدد على أن التدخل السافر من قبل الاحتلال في رواتب الأسرى والشهداء "أمر غير مقبول وجاء نتيجة ضعف السلطة في الدفاع عن حقوقها".
وأردف: "إدارة المالية العامة في السلطة غير رشيدة، وأول ما لجأت له في علاج هذه الأزمة الحلقة الضعيفة (الموظف) باعتبار أنها تقوم بصرف الراتب له، حيث أن غالبية الموظفين هم في عداد منخفضي الدخل، وكان من الممكن أن تلجأ إلى بدائل كثيرة".

وأضاف: "يجب على السلطة أن تبحث عن حلول وسياسات لا تتعلق بحالات رد الفعل بقدر ما تتعلق في إدارة رشيدة أو إتباع سياسات فعالة تتخلص من الأزمة والعجز السنوي".

وأفاد بأنه "حتى لو تم تجاوز هذه الأزمة، فإن العجز المالي في ميزانية السلطة موجود، وهي تلجأ للقروض وهذه القروض عليها فوائد وهذا يعقد المشكلة ولا يحلها".

ورأى الأكاديمي الفلسطيني، أن الحل الأمثل "حزمة إجراءات تبدأ من ضبط وترشيد عملية الإنفاق وتفعيل الإرادات في ظل هدر الأموال الموجود والتهرب والهروب الضريبي".

ولفت النظر إلى أن كل التقارير الدولية ولجان مكافحة الفساد تحدثت عن التهرب والهروب الضريبي والفساد المالي. متابعًا: "لكن السلطة غير معنية لأن من يتهرب من الضرائب هم أصحاب النفوذ فيها والذين يملكوا التأثير على أصحاب القرار".

وبيّن وجود "إسراف لا مبرر له، ومفتعل. وهناك أمور لا تتناسب مع ظروف بلد تحت احتلال واقتصاد ناشئ يعتمد على المساعدات".

وقال إن "هناك عنصران للحد من الأزمة؛ تقليص الفجوة من خلال تقليص النفقات وإهدار المال العام، والبحث عن الإرادات التي من الممكن أن تنعش خزينة السلطة والابتعاد عن خضم الرواتب لأن هذا لا يأتي بحلول".
وأوضح: "يجب على السلطة أن تُسير الدورة الإنتاجية، وأن توقف هدر المال العام، حيث أن من يقوم بالهدر هم أصحاب القرار فيها، وهم متمسكون بأن تظل النفقات كما هي وليس من مصلحتهم وقف التبذير والاستنزاف الجاري".

واتهم السلطة بالضفة الغربية بأنها "لا تفكر في المستقبل، فهي تفكر لحظة بلحظة".
ونوه: "السلطة تدير أزمة موجودة، وإذا استمرت الأزمة تستمر في اقتطاع الرواتب من الموظفين، أو أنها تضطر للتراجع وتقبل من إسرائيل الخصم وتوافق أن تحول لها تل أبيب باقي المقاصة بعد الخصم وتجعل عملية خصم محل تفاوض".

وتعاني السلطة منذ عدة أشهر من أزمة مالية، انعكست مظاهرها على مؤسسات السلطة ورواتب الموظفين وسياسات الإنفاق.

وتعود الأزمة إلى تراجع الدعم العربي وعدم التزام الدول العربية مثل السعودية بالحصص والتعهدات التي أقرتها للسلطة، وامتناع الدول الأوروبية عن زيادة دعمها للسلطة لإخراجها من أزمتها.

لكن أهم مسببات هذه الأزمة هو القرار الإسرائيلي بخصم مبالغ مالية كبيرة تساوي ما تقوم السلطة بدفعه كمخصصات لعائلات الشهداء والجرحى، وهو ما حرم خزينة السلطة من حوالي (45 مليون شيكل) شهرياً، أي ما يوازي (12 مليون دولار(.

وما زاد من الأزمة أن السلطة الفلسطينية التي رفضت قرار الحكومة الإسرائيلية، خصم مبالغ مالية مباشرة، قررت عدم استلام أموال المقاصة بالكامل، والتي تبلغ حوالي 550 مليون شيكل، أي ما يقارب 145 مليون دولار.

وهذا أدخل السلطة في أزمة سيولة، ودفعها لاتخاذ إجراءات تقشفية مثل خفض حوالي 35 في المائة من رواتب الموظفين وتخفيض نفقات تشغيلية، والطلب من عدد من الدول العربية الإسراع في إرسال دعم مالي لتوفير شبكة أمان للوضع الاقتصادي للسلطة.