في يوم التوحد العالمي .. الأوضاع الاقتصادية تهدد مستقبل مئات الأطفال في غزة

180.jpg
180.jpg

غزة/ المشرق نيوز: (خاص)

يحي العالم اليوم الثلاثاء الثاني من نيسان/ ابريل يوم التوحد العالمي في ظل مخاوف كبيرة باتت تهدد المئات من أطفال التوحد في قطاع غزة المحاصر نظرا للانهيار الاقتصادي للغزين، وعدم مقدرتهم إرسال أطفالهم إلى مراكز متخصصة بسبب الضائقة المالية.

والتوحّد هو اضطراب يصيب الأطفال وحالة سلوكيّة عصبيّة معقّدة تؤثر في قدرة المصاب على التفاعل الاجتماعيّ، والنمو العقليّ، وقدرته على التواصل والكلام.

ويعانيّ الأشخاص المصابون بمرض التوحّد من عدم القدرة على فهم طريقة تفكير الأشخاص من حولهم، وإحساسهم بالمشاعر، ممّا يؤدي إلى صعوبة تعبيرهم عن أنفسهم واختيارهم للكلمات، أو تعابير الوجه، أو الحركات المناسبة، وبسبب التعدد الكبير للأعراض المختلفة التي قد تصاحب مرض التوحّد تمّ تصنيف مرض التوحد ضمن المصطلح الأوسع الذي يُعرف باضطراب طيف التوحّد (بالإنجليزية: Autism spectrum disorder).

وتتضمن الإصابة بهذا الاضطراب أيضاً ظهور بعض السلوكيّات المحدودة والمتكررة لدى الشخص المصاب، وتبدأ أعراض الإصابة بهذا الاضطراب في سن الطفولة المبكّر، وغالباً ما تظهر الأعراض خلال أول ثلاث سنوات من عُمر الطفل ويمكن ملاحظتها منذ الولادة، وعلى الرغم من أنّه لا يوجد إلى الآن علاج شافٍ من مرض التوحّد، إلّا أنّه يمكن من خلال البدء بالعلاج المكثّف بوقت مبكر تحسين مستوى معيشة الطفل في المستقبل.

ومع ازدادت الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة سوءا إثر القيود والعقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية في أبريل/نيسان 2017، والخصم الكبير من رواتب نحو خمسين ألف موظف يتبعون لها في القطاع، وإحالة الآلاف منهم على التقاعد المبكر، بات أهالي أطفال التوحد في قطاع غزة غير قادرين على اسلهم إلى مراكز متخصصة من اجل علاجهم مما يهدد حياتهم.

ويعتبر "مركز الإرادة للتوحد والاحتياجات الخاصة" المركز الرائد في قطاع غزة الذي يلجا له الأهالي من اجل علاج أطفالهم.

وقد نجح المركز في دمج عشرين طالبا وطالبة في المدارس، ويحقق غالبيتهم نجاحات ملموسة على الصعيد الدراسي، في حين لا يزال العشرات من الأطفال عنده يعمل على دمجهم. بحسب مديره إسلام بركات.

ووصف بركات في حديثه لـ" المشرق نيوز" مركزه بأنه من المركز النوعية والمتطورة جدا في تقديم الخدمات للأطفال المصابين باضطرابات التوحد في المجمع الفلسطيني بشكل عام والمجتمع الغزي بشكل خاص.

وقال: "يقدم المركز برامج متطورة جدا على المستوى الدولي وتمكن من خلال هذه البرامج من تحقيق العديد من الانجازات ومنها دمج مجموعة كبيرة من الأطفال المصابين باضطرابات التوحد في المدارس العادي".

وأضاف: "لا يوجد أي طفل يدخل مركز الإرادة إلا ويتحسن وتطور ويتوصل إلى مراحل متقدمة جدا".

وشدد بركات على أن المركز ادخل الفرج والسعادة على الكثير من الأهالي في المجتمع الفلسطيني وتمكن من تحقق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين أطفال التوحد والأطفال العادين في المدارس العادية والشارع والمجتمع الفل بين الأفراد والجماعات.

وأفاد أن 34 طفلا وطفلة مسجلين حاليا في المركز، بينما يوجد على قوائم الانتظار نحو ثلاثمائة آخرين، لا يستطيع المركز استيعابهم، لاحتياجهم إلى تكاليف تشغيلية عالية، وعدم قدرة كثير من أهاليهم على دفع رسوم الالتحاق بالمركز في الوقت الحالي.

وقدّر بركات الالتزامات المالية المستحقة على المركز حاليا بأكثر من 25 ألف دولار كإيجار مقر ورواتب متأخرة للموظفين لديه، لم يستطع الالتزام بسدادها، بسبب عدم التزام الأهالي بدفع رسوم أبنائهم، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ولا يستبعد بركات إغلاق المركز في حال استمرت الأوضاع الحالية على سوئها، كي لا تتراكم عليه الديون والالتزامات المالية.

ويعمل في المركز 12 موظفا وموظفة متخصصين في برامج التعامل مع أطفال التوحد وتعليمهم وتأهيلهم، فضلا عن خمسة عمال آخرين.

وتقول مها عياد (26 عاما)، التي تحمل شهادة جامعية في الخدمة الاجتماعية، وتعمل في المركز منذ أربعة أعوام، إنها لم تتلق راتبها كاملا وبانتظام منذ نحو عامين.

وعن طبيعة عملها مع أطفال التوحد، أوضحت أنها متخصصة في التعامل مع الأطفال على برامج التعليم والتدريب والتأهيل.

ويخشى أهالي الأطفال عدم المقدرة على إرسال أبنائهم إلى المركز بسبب صعوبة الأوضاع المالية لهم في ظل اشتداد الحصار وفقدانهم لمصادر رزقهم.

ولا يوجد عدد محدد لأطفال التوحد في قطاع غزة نظرا لغياب الإحصائيات الرسمية، إلا أن الدراسات تشير أن طفلا من كل 80 طفلا يولد يكن مصابا بهذا الاضطراب.