ربيع الإرهاب ...بقلم : أمين محمد أمين

ربيع الإرهاب ...بقلم : أمين محمد أمين
ربيع الإرهاب ...بقلم : أمين محمد أمين

ربيع الإرهاب ... بقلم : أمين محمد أمين

ما تقوم بيه "إسرائيل" هو إرهاب الدولة ضد شعب محتل ومحاصر المؤسف أن يتحول الربيع العربي لتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية للشعوب المقهورة بحكامها الديكتاتوريين، إلي ربيع لإرهاب المواطنين وقتلهم بأيادي العديد من العناصر الإرهابية الداخلية والخارجية المتطرفة والمتسترة تحت عباءة الدين الإسلامي الحنيف الذي( حرم قتل النفس للنفس إلا بالحق) وهو ما حرمته جميع الأديان والشرائع السماوية ولكن غلاة التطرف لهم  منطق آخر وتفسيرات أبعد ما تكون عن أسس وتعاليم الدين الإسلامي الحديث الذي يتسترون تحت عباءته وهو منهم بريء .

المتابع لخريطة نمو تغلغل وتصاعد العمليات الإرهابية الإجرامية في عالمنا العربي من المحيط للخليج نجد أنها بدأت كعمليات فردية وبين مجموعات مصغرة من بعض الجماعات المتطرفة من بداية الستينيات بل والخمسينيات في مصر مع محاولات الإخوان المسلمين قلب نظام حكم العسكر ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر بميدان المنشية بمدينة الإسكندرية، ومن يومها بدأت المواجهة مع الإخوان المسلمين وتم اعتقال ومحاكمة قيادتهم وسجنهم وملاحقاتهم إلي أن جاء حكم الرئيس السادات، وأراد التخلص من التيارات اليسارية والشيوعية والناصرية المناوئة لحكمه، وخاصة بين شباب الجامعات والمؤسف استجابته لدعوة عدد من مستشاريه بالإفراج عن المسجونين والمعتقلين من شباب الجماعات الإسلامية المتطرفة وتسليحهم بالأسلحة البيضاء لمواجهة الشباب المعارض والمناوئ لحكمه، وهو ما حدث بكل أسف وتتصاعد الأحداث المأساوية والإرهابية والتي أدت إلي اغتيالهم للرئيس السادات الذي أطلق سراحهم في يوم احتفاله مع جنوده في الثمانينيات بذكري انتصارات حرب أكتوبر وتحرير سيناء.

 ورغم تواصل وتصاعد العمليات الإرهابية وتصاعد مواجهات الدولة لها إلا أن الطامة الكبري كانت في استجابة عدد من دول المنطقة الإسلامية للدعوة الأمريكية لإرسال أعداد من شبابها إلي أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي الملحد، وهو ما تم تحقيقه والانتصار الأمريكي عليه بأيدي شباب العرب المسلمين وهو ما أطلق عليهم الأفغان العرب.

 ومع انتهاء الحرب لم يتم الاستثمار الجيد لهؤلاء الشباب الذي تمرس علي فنون القتال وحرب العصابات ومع الإهمال الأمريكي والعربي لهم انقلب المارد علي صانعه، وتم إنشاء تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن لمحاربة أعداء الدين وفقا لمفاهيمهم الخاطئة والتي لم تعالج ولم تصحح والأخطر هو محاولات البعض استثمارهم بعد العودة لأوطانهم في تصفية معارضيهم وهو ما كنت شاهدا عليه خلال حرب الانفصال وعودة الوحدة بالقوة بين شطري اليمن الجنوبي والشمالي في التسعينيات، حيث دخلو الحرب المجنونة ضد قيادات الجنوب اليسارية المعارضة للاتحاد ومن أجل تحقيق أهداف بأيدي الأفغان العرب اليمنيين.

 العائدين لبيئة مليئة بكل أنواع التطرف يساعد علي انتشارها الثالوث الفقر والجهل والمرض واستغل الفراغ الذي يعانون منه بعد العودة إلي اليمن بلا عمل مؤكدا لهم أن أمامهم مهام كبيرة بعد عودتهم من النضال الأصغر في أفغانستان إلي النضال الأكبر لقتل الملحدين من قيادتهم اليسارية المتطرفة، وهو ما حدث وتحقق بمشاركة الأفغان العرب اليمنيين الذي يتكرر معهم ما حدث من قبل ويتم إهمالهم من جديد وتتصاعد معها العمليات الإرهابية في بيئة خصبة لنمو وتصاعد أعمالهم لتحقيق العديد من تفسيراتهم ومعتقداتهم الخاطئة والتي لم تعالج وتواجه بالحوار

ولكن بكل أسف تم مواجهتها أمنيا بالعنف والذي قابله عنف أشد منهم كان من نتائجه توحد جهودهم وتشكليهم لتنظيم القاعدة العالمي للإرهاب والذي لم تقتصر عضويته علي الأفغان العرب بل ضم العديد من العناصر الإرهابية العلمية لتنتشر جرائم الإرهاب في العديد من دول العالم وفي مقدمتها تفجيرات أبراج التجارة العالمية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي ألصقت تهمتها فور حدوثها للمسلمين العرب.

وفرضت علينا العقوبات، في الوقت الذي كشفت فيه التحقيقات عكس ذلك والتي لم تعلن من أجل استمرار إلصاق تهمة ظاهرة الإرهاب العالمية بالعرب والمسلمين وغالبيتهم براء منها .

ورغم ذلك تتصدي الدول العربية للظاهرة وتناقشها في مؤتمرات قمة قادتها وتنسق أمنيا لمعالجتها دون النظر للمعالجات الدينية لتصحيح العديد من مفاهيمهم ومعتقداتهم الخاطئة إلي جانب المعالجات الاجتماعية والثقافية وغيرها التي تساعدهم علي العودة السليمة لمجتمعاتهم كمواطنين صالحين لا تستغلهم عناصر داخلية وخارجية لتحقيق أهدافهم في تخريب وتمزيق المجتمعات الدول العربية الكبري بأيدي أبنائها. المتابع لمسيرة وتطور العمليات الإرهابية وتعددها من الجزائر إلي ما شهدته وتشهده لبنان من حروب أهلية بين أبنائها مستغلين شعار الدين وتصعيد الخلافات بين الأقلية السنية والأغلبية الشيعية

المنخرطة والمسيطر عليها حزب الله المتستر تحت ستار الدين وشكل دولة داخل دولة بالدعم الإيراني المسوق قضاياه ومشكلاته مع الغرب باستغلال قضايانا العربية وفي مقدمتها قضية العرب الأولي فلسطين ومن أجلها يقدم الدعم لحماس والمنظمات الجهادية الفلسطينية ولحزب الله اللبناني وللنظام السوري لبشار الأسد لبقائه رغم ديكتاتوريته وقتله لشعبه، وهو ما أتاح الفرصة والأرض الخصبة للعناصر الجهادية والإرهابية للانتقال إلي الساحة السورية وعرقنتها من أجل تقسيمها إلي دويلات عرقية ودينية ومذهبية إسلامية متصارعة، وذلك بعد نجاح المخطط الأمريكي الغربي في القضاء علي ثاني قوة عربية بالعراق والسعي لتقسيمه أيضا إلي دويلات تحقق أيضا أهداف ومطامع إيران في بلاد الرافدين والقضاء عليها وذلك ضمن مخططها للسيطرة علي منطقة الخليج انطلاقا من اصرارها علي أن الخليج فارسي وليس عربيا مع استمرار احتلالها لجزر الإمارات الثلاث (طنب الكبري وطنب الصغري وأبو موسي) وإصرار علي استمرار الاحتلال رغم الدعاوي السلمية لقادة الإمارات للانسحاب الإيراني السلمي من جزرهم المحتلة أو اللجوء للتحكيم الدولي وهو ما ترفضه إيران التي لا تختلف في سلوكها وممارستها عن دولة الاحتلال إسرائيل التي تدعم مقاومتها من أجل مصالحها. ومابين اليمن والبحرين وتونس وقمة المأساة في ليبيا وسورية ومصر ترتفع يوما بعد آخر الأعمال الإرهابية الجهادية بأشكالها وصورها المختلفة، والتي ساعد علي نموها بكل أسف تولي قيادات تيار الإسلام السياسي لدول الربيع العربي والمؤسف أن تتصاعد مع قيادتهم موجات ربيع الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وتزيد من حالات الاحتقان المتزايدة بين شعوب دول الربيع التي لم يحقق حكامه الجدد من التيارات الإسلامية أهداف ثورات الربيع العربي التي ثارت من أجلها الشعوب .

المؤسف أن عمليات المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي والذي صورتها الصهيونية العالمية بأنها إرهاب بينما ما تقوم بيه إسرائيل هو إرهاب الدولة ضد شعب محتل ومحاصر وتطالبه بالرضوخ للاحتلال وممارساته غير الإنسانية، ورغم الدعم الغير محدود الذي قدمته وما زالت تقدمه الأمة العربية وفي مقدمتها مصر لاستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة إلا أن أخوة النضال انقسموا علي أنفسهم بين معسكري السلام بقيادة فتح برام الله ومعسكر المقاومة بغزة بقيادة حماس الإسلامية التابعة لتيار الأخوان المسلمين بمصر الذي يتولى حاليا حكم البلاد وكان من الطبيعي امتداد التعاون والذي كشفت عنه الأحداث والتحقيقات الجارية من تسلل عناصر جهادية من غزة عبر الأنفاق غير الشرعية لمصر ومهاجمة السجون وأقسام الشرطة في بداية الثورة والإفراج بقوة السلاح عن قيادات الإخوان المسلمين والمجرمين من عناصرهم المحكوم عليهم بأحكام قضائية مصرية وتهريبهم إلي غزة عبر الأنفاق، أيضا إلي جانب عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة وعناصر حزب الله اللبناني ومن أجل تحقيق المخطط الصهيوني للوطن البديل لفلسطيني غزة كانت المؤامرة الكبرى لإثارة القلاقل بسيناء واستغلال الانفلات الأمني وتمركز العديد من عناصر التيارات الإسلامية الإرهابية المتطرفة في سهول وجبال ووديان سيناء، التي تمثل مساحة أكثر من 5% من مساحة أراضي مصر وأهملت الحكومات المتعاقبة تعميرها منذ تحريرها في عام 1973 إلي الآن ومن النسف المتتالي لأنابيب الغاز المصري المصدر للأردن وإسرائيل وتوقفه بعد تولي الإسلاميين أعوانهم للحكم إلي أن فوجئت مصر باغتيال 16 من جنودها علي حدودها الشرقية في رمضان الماضي، ورغم تعهد القيادة المصرية بالقصاص من القتلة خلال أيام وبدء الجيش المصري للعملية نسر لهدم الأنفاق وتطهير سيناء المصرية من العناصر الإرهابية الإجرامية إلا أن الأوامر صدرت بتوقفها وهو ما أتاح الفرصة للعناصر الإرهابية الخارجة عن القانون مستغلة الفراغ الأمني بسيناء في اخذ 5ضباط شرطة كرهائن وتهريبهم عبر الأنفاق لغزة وذلك منذ عدة أشهر ولم يتم الإفراج عنهم إلي الآن تتجدد أخيرا عملية اختطاف واعتقال 6من جنود الأمن المركزي بسيناء واعتقالهم والمطالبة من خلال شريط مصور لهم تمت إذاعته عبر الانترنت يطالبون الرئاسة المصرية الملمة بسرعة مبادلتهم والإفراج عن 24 من أبناء سيناء المحكوم عليهم بالإعدام والسجن المؤبد والغريب هو حالة التراخي لرد الفعل من القيادة المصرية التي طالبت بالحفاظ علي دماء الخاطفين المجرمين والمخطوفين الأبرياء ومع تزايد موجات الغضب الشعبي تحركت قوات مكافحة الإرهاب من الجيش والشرطة المصرية كاسرة حاجز منع التحرك الذي فرضته اتفاقية كامب ديفيد للتحرك العسكري المصري بالمنطقة ج الملاصقة للحدود وهو ما يستلزم تعديل المعاهدة لفرض مصر سيادتها علي كامل أراضيها والأهم هو استمرا المعالجة المتكاملة لظواهر الإرهاب المتسترة تحت عباءة الدين وهو قضية مهمة يجب أن تتصدر جميع القضايا بما فيها قضية العرب الأولي فلسطين التي تراجعت بفعل وممارسات أبنائها الخاطئة .