ابوظبي حول "ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013"

ابوظبي حول "ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013"
ابوظبي حول "ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013"

ابوظبي – جمال المجايدة

نظم "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" محاضرة بعنوان "ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2013"، ألقاها الأستاذ كريم سجادبور، باحث أول في مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي" الأمريكية، امس، أكد فيها أن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في الرابع عشر من يونيو، لن تغيّر شيئاً في واقع السياسة الخارجية الإيرانية، نحو برنامجها النووي المثير للجدل، ومواقفها من قضايا المنطقة ما دام المرشد الأعلى، علي خامنئي، على رأس السلطة الدينية في إيران.

وأضاف الأستاذ سجادبور في المحاضرة، التي ألقاها في مقر المركز بأبوظبي، أن إيران لا تزال طرفاً مهماً في كثير من التحديات الماثلة أمام الأمن القومي الأمريكي، التي تشمل: سوريا، والعراق، وأفغانستان، والسلام العربي-الإسرائيلي، والإرهاب، وأمن الطاقة، والانتشار النووي.

ولكن المحاولات المتعددة والمتنوعة من جانب إدارة أوباما لإخضاع طهران وقسرها على التخلي عن برنامجها النووي فشلت، مشيراً إلى أنه في ظل تفاقم تأثيرات الضغوط الدولية غير المسبوقة -بما في ذلك العقوبات الأمريكية ضد البنك المركزي الإيراني، وحظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط الإيراني- يبرز التساؤل: إلى أي مدى تستطيع طهران الاستمرار في تمردها النووي؟ وما "نهاية اللعبة" النووية الإيرانية؟

وأوضح الباحث أن السلطة الدينية الحاكمة في طهران إذا عدّت إيران قضية أيديولوجية دينية ترفع شعار مناهضة الولايات المتحدة والدفاع عن الطائفة الشيعية والمذهب في المنطقة، فإنه من المستبعد أن تغيّر سياستها الداخلية والإقليمية والدولية، لكن في حال عدّت السلطة الدينية إيران أمة لها مصالحها، فالأمر يختلف في سياستها في المستقبل، حيث يتوجب أن تعيد السلطة الدينية النظر في علاقاتها الدولية ومصالحها الاقتصادية، وتبني في ضوء هذا علاقات انفتاح اقتصادي على العالم للتخلص من العقوبات والعزلة الدوليتين اللتين تعيشهما، ولا سيما أن عموم الشعوب الإيرانية تسودها حالة من السخط ولا ترغب في الصراع مع الولايات المتحدة، بل تتطلع إلى الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.

وأكد أن إيران، التي كانت تصدّر نحو 6 ملايين برميل من النفط في اليوم عام 1975، لا تصدّر اليوم أكثر من 2.5 مليون برميل يومياً، وهو ما أثّر كثيراً في الاقتصاد الإيراني وفي موقف السلطة الدينية في إيران، مشيراً إلى أن هناك خيارات لإيران في موقفها من البرنامج النووي، يتمثل الخيار الأول في إيقاف هذا البرنامج وإعادة العلاقات مع الغرب، كما فعل الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، وهذا الخيار لن تخوض فيه إيران، ولا سيما أن ما قامت به الولايات المتحدة والغرب ضد ليبيا والقذافي فيما بعد.

ما زال شاهداً على فشل هذا الخيار، فقد ضعفت ليبيا بعد إنهاء برنامجها النووي، فيما هناك خيار الوصول إلى ما وصلت إليه اليابان من قدرتها على امتلاكها جميع وسائل إنتاج السلاح النووي، لكن تعهداتها الدولية بعدم الإنتاج مطمئنة للجميع، في وقت هناك شكوك تساور الجميع من وصول إيران إلى نموذج اليابان، وإيران تمثل تحدياً كبيراً للغرب وللولايات المتحدة، فضلاً عن الخيار الأخير وهو الوصول إلى إنتاج السلاح النووي كباكستان وكوريا الشمالية، مشيراً إلى أن السلطة الدينية في إيران لا تزال متأثرة بالإمبراطورية البيزنطية ولها كثير من الطموحات، وقد وصلت إلى حلقات متقدمة في برنامجها النووي.

وعن المرشح المفضل لدى المرشد الأعلى، علي خامنئي، قال الباحث إن هناك مواصفات خاصة للمرشح المفضل لمنصب الرئيس بالنسبة إلى خامنئي، أبرزها: أن يضمن ولاءه المطلق لولاية الفقيه، وأن يكون المرشح ملتزماً بالأفكار الثورية التي جاءت بها الثورة الإيرانية وتؤمن بها الأيديولوجية الدينية الحاكمة في إطار المحافظة على النظام، وأن يكون لديه قدر من الشعبية و"الكاريزما"، وأن تكون لديه قدرات ومؤهلات إدارية للتعامل مع العقوبات الاقتصادية وإدارة الأزمة الاقتصادية في البلاد وكيفية التعامل مع المصارف

كذلك أن يكون الرئيس مقبولاً من الحرس الثوري الإيراني وقياداته، وخاصة أن الأخير بات اليوم مؤسسة مؤثرة جداً في إيران، حيث تحولت بسببه من نظام الأوتوقراطية الدينية إلى ديكتاتورية عسكرية تخضع لحكم الحرس الثوري الإيراني.

 فضلاً عن قبوله من كبار رجال الدين الإيرانيين. لكن الباحث رجح فرص فوز سعيد جليلي، كبير المفاوضين في برنامج إيران النووي، بمنصب الرئيس أكثر من فرص فوز عمدة طهران، محمد باقر قاليباف، بمنصب الرئيس الذي لا يطمئن خامنئي له كثيراً، بسبب تفاخر الأخير بمنجزاته في مسيرة الحرس الثوري.

غير أن كريم سجادبور، أشار إلى أن ثمة تحدياً يواجه خامنئي يتمثل في الرئيس محمود أحمدي نجاد، ولا سيما بعد إقصاء حليفه إسفنديار رحيم مشائي من الترشح للانتخابات، حيث يمسك نجاد بكثير من ملفات الفساد التي ستطول خامنئي ومقرّبين منه.