للأذكـــياء فقــط ! بقلم: محمد محجز ... غزة

للأذكـــياء فقــط !   بقلم: محمد محجز ... غزة
للأذكـــياء فقــط ! بقلم: محمد محجز ... غزة

للأذكـــياء فقــط !

   غزة _ بقلم: محمد محجز                                                     28/5/2013م

إن المراقب للشأن السوري، يجد أن الغالبية العظمي من الناس قد بنوا مواقفهم حياله على أساس عاطفي هش؛ ما يجعلهم غير قادرين على إدراك حقيقة ما يدبر لهم من قبل أعداء الأمة، الذين يسعون لتشكيل المنطقة من جديد وفقا لمخطط الشرق الأوسط الجديد، وذلك عن طريق الفوضى الخلاقة، التي نادت بها كونداليزا رايس؛ للتخلص من أي ممانعة قد تتصدى للهيمنة الإمبريالية، فمن يكفر بنعمة العقل، وينساق وراء عواطفه، ويفضل الموت على التفكير، فلا يقرب مقالانا؛ لأن الحديث هنا للأذكياء فقط.

ما من إنسان سويّ أو عاقل يمكنه أن يرضى بقتل الأبرياء العزل بصرف النظر عن هويتهم، وبيد من قتلوا، ولا شك أن نظام الأسد لا يخلوا من الفساد، عوضا عن كونه نظاما لا يمثل نموذجيا للحكم الرشيد، ولكن لا يمكننا أن ننكر بأن النظام السوري نظام ممانع، رفض أن يذل أو يتنازل عن شبر من أرضه، كما رفض أن يتخلي عن القضايا العربية أسوة بالنظام المصري البائد، ولم يسير في فلك العدو الصهيوني كما فعل الأردن وفريق أوسلو.

ولقد برع النظام السوري في إدارة الصراع مع العدو الصهيوأمريكي، وأستطاع أن يدعم حركات التحرر في لبنان وفلسطين في الوقت الذي خشعت فيه الأصوات فلا تسمع إلا همسا، يوم أن قال بوش الصغير: " من ليس معنا فهو ضدنا ولتكن حربا صليبية " وصنف بوش ذات النظام ضمن محور الشر، غير أن سوريا الأسد صمدت أمام التحديات ولم تكترث للتهديدات الكونية، كما لم تلوث يدها بالعدوان الغاشم على العراق والعراقيين، في حين انطلقت طائرات التحالف من القواعد العسكرية الأمريكية المتمركزة في السيلية داخل قطر، الذي دعا وزير خارجيتها الأمة للاستجداء للولايات المتحدة، ووصف العرب بالنعاج، ومن سوء الطالع أن قطر تتزعم حاليا قيادة العالم العربي، وتتصدر حملة التحريض لتجنيد كل من تستطيع شراؤه من أجل إسقاط آخر معاقل الشرف في منطقة الشرق !!.

الشمس لا تغطى بغربال، وثمار الدعم السوري للمقاومة في المنطقة واضحة لكل ذي بصيرة، فحزب الله الشيعي كنَسَ العدو الصهيوني من لبنان عام 2000م مسطرا أروع الملاحم البطولية، في سابقة نسفت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وذلك إنما بفضل دعم النظام السوري، الذي احتضن كذلك حركات التحرر الفلسطينية في الوقت الذي كانت قياداتها تهيم على وجهها، مطرودة من كل مملوك ومالك، فاستفادت هذه القيادات من وجودها في سوريا، ونجحت في أدارة الصراع انطلاقا من هناك، ولم تبخل سوريا الأسد في تقديم الدعم لحركة حماس والجهاد الإسلامي؛ فأمدتهما بصواريخ بعيدة المدى، وتلقى عناصرهما التدريب على أنواع مختلفة من الأسلحة وذلك على يد (الشبيحة) فمن العيب أن ننسى تلك المواقف المشرفة لحلفائنا، ومن العار أن ننساق وراء عواطفنا، فنأكل الطعم القطري السعودي المطبوخ في أروقت البنتاغون الأمريكي والكابينيت الصهيوني!!!

حاكم قطر الذي يقدم الدعم للمقاتلين ضد الجيش السوري جاء إلى الحكم عن طريق انقلاب على حكم أبيه، وليس في قطر مجرد برلمان !! أما السعودية فاسمها مشتق من اسم عائلة آل سعود، ما يشير إلى أن أرض الحجاز ملك للعائلة المالكة، وليس لشعبها، فأنّى لهؤلاء أن يقودوا ثورة للتحرر والتغيير الديمقراطي في سوريا ؟

أهل السنة ليس لديهم أي مشروع؛ لذا هم يحاولون إغراق المشروع الإيراني بدلا من بناء مشروع حضاري منافس له؛ لأنهم لا يثقون بأنفسهم، وبمناسبة الثقة بالنفس، أعجبني سلوك لرئيس الوزراء إسماعيل هنية أثناء زيارته لإيران، حين صلى مع جماعة من الشيعة، وأظنه حينئذ نوى مفارقة الإمام، وظل جالسا ينتظر انتهاء الصلاة، عندما شذ إمام الشيعة عن أركان الصلاة عند مذهب أهل السنة، في مشهد فريد، وراق ينم عن ثبات الواثق، بخلاف من يتلفتون في جميع الاتجاهات خشية من المد الشيعي، ويقضون جل أوقاتهم يفكرون من هو العدو الأول إسرائيل أم الشيعة وإيران؟ الأمر الذي يجعلهم مرتبكين، متوترين يستسهلون كيل الشتائم للشيعة، ويعطون لأنفسهم الحق في سب حزب الله الذي لقن العدو الصهيوني سلسة من الدروس القاسية، فتارة يصفونه بحزب الشيطان، وأخرى ينعتونه بحزب اللات، وأحيانا يصفون أمينه العام بالسيئ حسن نصر الله!.

نصر الله صاحب الوعد الصادق الذي تحمل عن غزة عدوانا، كان وشيكا ضد أهلها المرابطين في أعقاب اختطاف الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، فكان انتصار تموز 2006م، يوم أن انقلب العدو الصهيوني يلعق دمائه، ويجر أذيال الهزيمة، نصر الله، الذي وقف أمام جثمان ابنه البكر الشهيد هادي نصر الله، بعد أن احتجز الاحتلال جثته في أرض فلسطين المحتلة، مخاطبا روحه الطاهرة قائلا: "أشكر الله سبحانه وتعالى أن تطلع ونظر نظرة كريمة إلى عائلتي فاختار منها شهيدا"، وعلى الرغم من ذلك كله، نلاحظ أن الشيعة لا يكترثون لهذه الترهات، ويسيرون في مشروعهم بخطى ثابتة دون أن يخشون من المد السني العتيد.

أنا لست مستخلفا في الأرض لكي أفاضل بين الناس؛ لأن معايير التفاضل في الإسلام واضحة إذ يقول الله تعالى:" إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وليس من حقي أن أمنحهم صكوك الغفران نيابة عن الخالق تبارك اسمه، ولا أدّعي بأني أمتلك مفاتيح الجنة، كما وأعترف بأني لا أحتكر كل الحقيقة، غير أن الحديث عن الصراعات المذهبية والطائفية يثير اشمئزازي؛ في ظل توافق أهل المذهبين على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بارك آل البيت فخلع عليهم بردته؛ رعاية وتكريما لهم، وهنا أذكر نثرا قد صاغه الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي، يوضح من خلاله من الذي يستحق أن يستظل تحت كساء النبي، حين قال: "أقول وأجري على الله فيما أقول: بأني سأدخل فيه الذين أبوا أن يذلوا لغاز أتاهم .. واخرج منه الذين على العكس منهم أباحوا لحاهم .. فمن رد كيد اليهود عن المسلمين بلبنان عندي سيدخل تحت الكساء .. ومن رد كيد التحالف عن شارع في العراق سيدخل تحت الكساء .. وان كان هذا على مذهب لا يوافق ذاك، فإني أرى تلك موعظة لو تفكر أهل العقول".