«الجهاد في سوريا» بقلم / علي العمودي

«الجهاد في سوريا»  بقلم / علي العمودي
«الجهاد في سوريا» بقلم / علي العمودي

«الجهاد في سوريا»

بقلم / علي العمودي

عرضت ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء الأربعاء الماضي الفيلم الكويتي«تورا بورا»، وكنت قد شاهدته في أبريل من العام الماضي، ضمن عروض الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي، والتي نظمت للمرة الأولى بين أبوظبي ودبي، بمبادرة من مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام. 

الفيلم يروي قصة إنسانية مؤثرة لمعاناة أب وأم مسنين، اضطرا لتحمل أهوال ومصاعب رحلة شاقة ودامية في أفغانستان بحثاً عن فلذة كبدهما الذي أغواه الغاوون من أهل الضلالة والتضليل «الأبوات» الجدد ممن كانوا يطلقون فتاواهم«الجهادية» من كهوفهم في جبال «تورا بورا»، قبل أن يكتشف حقيقة تعطشهم للدم وقتل الأبرياء عندما كلفوه بمهمة لتفجير نفسه في مدرسة للأطفال، لأنهم اعتبروها واجهة لاجتماعات تعقد داخلها لـ« كفار».
ومن يزور مناطق في ذلك البلد المغلوب على أمره من أهوال وأفعال الإرهابيين، يشاهد في مناطق قندهار وخوست وجلال آباد ومزار الشريف عشرات المقابر لشباب عرب، غرر بهم، وكانوا وقوداً لحرب لا ناقة ولا جمل لهم فيها، فقط لأن أحدهم قدم لهم تفسير مضللاً وخاطئاً عن «الجهاد».
وقد ازدهرت هذه التفسيرات الخاطئة والمضللة، ونبتت معها تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة المتدثرة برداء الإسلام.
واليوم تطالعنا بين الفينة والأخرى، أنباء مقتل شباب من بلداننا الخليجية في سوريا ممن تم التغرير بهم و إقناعهم بـ”الجهاد” هناك، والزج بهم في معركة يواجه فيها السوريون آلة القمع الدموية للنظام الحاكم في بلادهم. بينما لم نسمع أياً من مفتي« الجهاد» قد أرسل ابنه للجهاد، وإنما يتاجرون بأرواح أبناء الآخرين. الأمر الذي يستوجب على دوائر الأوقاف والشؤون الإسلامية لدينا ضرورة تكثيف خطابها في تبصير وتوعية الشباب من الانزلاق في مزالق ذلك الفكر المضلل، والذي يخرج عن كل قواعد الدين والشرع التي حددت شروط الخروج للجهاد وعرفت معناه.
لقد قلب أهل الضلالة والتضليل كل تعاليم وقيم الوسطية والاعتدال التي جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف على يد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعث بالحق وإتمام مكارم الأخلاق التي تحث على حسن التعايش ونشر التسامح. وفرخت فتاواهم وخطاباتهم المتطرفة نوعية من المحسوبين علينا يلغون ويكفرون الآخر، و يهدرون دمه، وغسلوا أدمغتهم وحرضوهم على التجرؤ على ولاة الأمر، وناصبوا حكومات ومجتمعات بلدانهم العداء، ونفذوا تفجيرات وأعمالاً إرهابية لم تصن قدسية الحياة، والنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، كما شاهدنا في بعض بلداننا الخليجية والمنطقة العربية، وامتد شرهم إلى دول أخرى . وأحدثها ما جرى في لندن أمس الأول عندما قتل متطرفون جندياً شاباً وفصلوا رأسه عن جسده بالسواطير، في عمل جبان وغادر.
وقبلهم تسبب أهل الضلالة والتضليل بفتاويهم “الجهادية” في قتل عشرات الأبرياء، وخربوا ودمروا ممتلكات عامة وخاصة، نجمت عنها خسائر فادحة وباهظة في مقدرات تلك المجتمعات التي ابتليت بهم. 
إن ظهور مفتي الضلال والضلالة من جديد يتطلب تحرك الحكومات والمجتمعات للتصدي لهم بقوة، وقطع دابر الذين يغررون الشباب في جهاد مزعوم لا يخدم سوى تعطشهم للدماء، وهوسهم بإزهاق الأرواح، ونشر الدمار.