"إسرائيل" ستراجع استراتيجيتها بسسب ما يجري في سوريا

"إسرائيل" ستراجع استراتيجيتها بسسب ما يجري في سوريا
"إسرائيل" ستراجع استراتيجيتها بسسب ما يجري في سوريا

القدس-المشرق نيوز:

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الجمعة تقريراً من مراسلتها جودي روديرين عن اضطرار اسرائيل الآن الى مراجعة خياراتها واستراتيجيتها بسبب ما يجري في المنطقة المحيطة بها، خصوصاً في سوريا.
قال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أمس، وهو يقف على هضبة الجولان، قريبا بما فيه الكفاية للحدود السورية بحيث يسمع ما وصفه "بدوي القذائف الممل" التي تطلق في الجانب الآخر، إن قبضة بشار الاسد على السلطة تفلت من يديه.

وأضاف باراك بعد جولة ومناقشات مع القائد المحلي: "التفكك ليس نظريا، إنه يقترب أكثر فأكثر".

التدهور في الأوضاع في سوريا في الوقت الذي ترحب اسرائيل جارتها الجنوبية به، يجلب معه سلسلة من المشاكل المتعددة بالنسبة إليها. فقادة اسرائيل يشعرون بقلق متزايد بسبب مخزونات سوريا من الأسلحة الكيماوية وإمكانية وقوعها في أيدي جماعات معادية مناوئة لاسرائيل بنفس القدر، ومن إمكانية تدفق موجات من النازحين على حدودها، ومن "تحول الجولان نفسها إلى منطقة متسيبة يمكن للعناصر الإرهابية العمل فيها أيضا"، وفقا لباراك. وهناك قلق من أن انهيار الحكومة السورية قد يؤدي إلى حرب اهلية في لبنان.

وراء ذلك كله، فالتصعيد في سوريا، مع مقتل عدد من أفراد الدائرة المقربة من الاسد، قبل ساعات من هجوم انتحاري على حافلة تقل اسرائيليين في بلغاريا، أظهر بقوة كيف ان الانتفاضات العربية خلال الثمانية عشر شهرا الماضية قلبت توقعات اسرائيل الاستراتيجية بخصوص جوار كانت تعتبره في السابق معاديا، لكنه مستقر.

واسرائيل التي لم تعد منشغلة بالفلسطينيين، تواجه الآن سلسلة من الحسابات المعقدة. فهل تقصف مخازن الأسلحة الكيماوية السورية، كما فعلت مع مفاعل نووي سوري عام 2007، أم ان ذلك سيقوي يد الأسد من خلال توحيد العرب؟ هل تتصرف وحدها ضد البرنامج النووي الإيراني الذي تعتبره خطرا وجوديا، أم تترك الولايات المتحدة تمهد الطريق أمامها من خلال الدبلوماسية والعقوبات؟ هل تتصرف بهجومية أكبر ضد حزب الله اللبناني؟ وكيف تتعامل مع المشهد السياسي المتغير في مصر، حيث ينتمي الرئيس الجديد للإخوان المسلمين؟.

قال دوري غولد، وهو دبلوماسي محترف يدير حاليا مركز القدس للشؤون العامة: "ما نراه في سوريا هو ان الشرق الاوسط يتفكك، ونوع جديد من الفوضى قد ظهر. الأصوليون الذين تتعامل معهم في المنطقة يتغيرون، ولا تستطيع ببساطة الرجوع للقرارات القديمة التي ربما تكون قد اتخذت".

وأضاف غولد: "لم تكن الفوضى فرصة في يوم من الأيام".

في الوقت الحاضر ربما كانت القضية التي تحوم في الافق أكثر من غيرها هي قضية ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية والجرثومية. وخلال الأربعين عاما الماضية كدست سوريا مخزونا من غازات الخردل والسارين والسيانايد، وفقا لمسؤولين أميركيين. وفي الأيام الاخيرة قال رجال استخبارات اسرائيليون واميركيون إن الأسد نقل بعضا من هذه الاسلحة خارج مخازنها، والهدف، كما هو واضح، هو الحيلولة دون وقوعها في أيدي الثوار.

وخفف ذلك من مخاوف وقوعها في أيدي أعداء اسرائيل، ومنهم المتطرفون الإسلاميون الذين حملوا السلاح ليقاتلوا الأسد، أو حزب الله القلق بشكل متعاظم من احتمال سقوط راعيه.

وقال داني ياتوم ،وهو رئيس سابق للاستخبارات الاسرائيلية (موساد): "اسرائيل لن تجلس مكتوفة الايدي. وإذا توفرت لنا معلومات بأن الأسلحة الكيماوية أو الجرثومية على وشك السقوط في يد حزب الله، فلن ندخر جهدا للحيلولة دون ذلك".

لكن شلومو بروم، وهو باحث رئيسي في معهد الدراسات الأمنية الاسرائيلية في تل أبيب، قال إنه بينما تعتبر إمكانية وقوع الأسلحة الكيماوية في أيدي المنظمات الإرهابية مخيفة، فهذا التهديد قد لا يكون شديدا كما يبدو. ومن أجل استخدام هذه الأسلحة، كما يقول بروم، لا بد من جمع مادتين بطريقة معينة، كما يجب إطلاقها من طائرة حربية".

واضاف: "في حالات كثيرة لا تكون الأسلحة قابلة للاستخدام. هناك حاجة للمعرفة، وللأنظمة، من اجل استخدامها".

وظلت سوريا الأسد معادية لاسرائيل بشكل ثابت. وليس هناك علاقات بين الجانبين وهما من الناحية التقنية في حالة حرب. وكان الأسد محرضا اعتبرت اسرائيل مساندته لإيران وحزب الله بالغة الضرر. ولكنه، كما قال كثيرون في مقابلات اجريت يوم امس، معروف جدا، وجزء من الشرق الاوسط القديم الذي بدا يتفكك العام الماضي بسقوط حسني مبارك. وبعد خلع مبارك، كان على اسرائيل أن تتعامل مع التسيب الأمني المتزايد في سيناء، ومع المخاوف حول معاهدة السلام المصرية- الاسرائيلية.

ولا احد يستطيع التكهن بالتداعيات التي قد تنشأ عن سقوط بشار الأسد.

يقول إيال اليسار، رئيس دائرة تاريخ الشرق الاوسط وافريقيا في جامعة تل ابيب: "حافظ بشار على الهدوء في مناطق الحدود، ولكنها تبدو الان مماثلة لقضية سيناء بما يدور فيها من فوضى وارهاب. لا يهتم معظم الاسرائيليين بمشاعر تذمر وطموحات الشعوب المجاورة او ديمقراطيتهم او تحقيق العدالة اوالرفاهية لهم. وما يثير اهتمامهم هو امنهم هم. وهذا هو ما يفكر فيه الاسرائيلي العادي، وبالتالي حكومته".

ويعيش حوالي 39 الف اسرائيلي في مرتفعات الجولان التي تبلغ مساحتها 1165 كيلومتراً مربعاً، وقد حذر باراك امس الخميس من انه كلما طالت فترة الاقتتال في سوريا "كلما تنامت المخاوف من ان الرواسب الدموية الباقية بين الجانبين" يمكن ان تتحول الى "مناطق لا حكم للقانون فيها ويمكن للارهابيين ممارسهم نشاطهم".