النفايات الاسرائيلية في وادي النطوف غرب رام الله كارثة بيئية مستمرة

النفايات الاسرائيلية في وادي النطوف غرب رام الله كارثة بيئية مستمرة
النفايات الاسرائيلية في وادي النطوف غرب رام الله كارثة بيئية مستمرة

رام الله / وكالات / مشرق نيوز

عانت منطقة غرب رام الله بقراها المختلفة والمتوزعة بمحاذات وادي النطوف الكثير من عوامل التلوث التي تسبب فيها وجود مكبات غير قانونية تستقبل نفايات اسرائيلية بواسطة مقاولين فلسطينيين . وابرز هذه القرى التي عانت من هذه المكبات قرى نعلين ،قبية ، وشقبة ،التي عاشت بمرارة لا توصف لحظات غياب وعي بعض المقاولين الفلسطينين ذو النفوس الضعيفة والذين قاموا بنقل النفايات الاسرائيلية الى اراضي القرى الثلاث دون اي وازع اخلاقي او ديني او وطني ،مفضلين المال على صحة الاهالي وجودة االاراضي ونقاء البيئة . ونتيجة الاثر البيئي المدمر لهذه المكبات من ابخرة وسموم وغازات ملوثة بسبب تراكم وحرق مخلفات بناء ومواد كيماوية القادمة من اسرائيل ، قام الاهالي بعد معاناة طويلة من التلوث وبمساعدة بعض الجهات الرسمية والشعبية باغلاق هذه المكبات في حدود قراهم .ولا يعني هذا الامر بان المأساة توقفت عند هذا الحد بل انتقلت على شكل مكب جديد يقع على اراضي قرية جمالا .

وعلى اثر استمرار هذه المأساة البيئية قامت جمعية "الحياة الخضراء" برصد هذا المكب وتوضيح كافة التفاصيل الخاصة به سعيا منها لوقف هذه الكارثة وحماية البيئة بكامل مقوماتها .

بدأت قصة مكب نفايات جمالا من قرية شقبة ، فبعد اغلاق مكب شقبة والواقع امام مغارة شقبة الاثرية والتي يعود تاريخها الى اكثر من عشرة الالاف عام ، قام المقاول قبل اكثر من عام وهو من سكان قرية شقبة بأستجار قطعة ارض من اراضي جمالا وبمحاذاة حدود اراضي قرية شبتين لينقل المكب الى هذه القطعة لتعود المأساة من جديد .

وتبلغ مساحة مكب جمالا بحدود 2 دونم ،ويقع على طريق فرعية ترابية بين قريتي شبتين وجمالا ،ويتوسط المكب منطقة بين ثلاث قرى هي شقبة، شبتين، جمالا، ليبعد عنها بمسافة تقديرية بحدود كيلو متر ونصف الى اثنين كيلو متر من القرى الثلاث التي يقدر عدد سكانها بحدود عشرة الاف نسمة، ويحيط بهذا المكب اراضي مزروعة بالزيتون واللوزيات واشجار حرجية، كما ان المكب قريب من بئر شبتين الذي يغذي المنطقة باكملها بالمياه وهو ايضا قريب من عين الزرقا في حدود قرية جمالا .

التأثيرات البيئية

يستقبل مكب جمالا نفايات اسرائيلية هي ذات النفايات التي كانت تلقى في مكب نفايات قرية شقبة المغلق وهي نفايات غير معروفة المصدر واغلبها مخلفات بناء ومواد كيماوية ومواد اخرى قادمة من داخل الخط الاخضر وتنقل هذه النفايات بواسطة شاحنات ضخمة باوقات محددة وبشكل دوري وغالبا في ساعات الليل المتأخرة بتنسيق وباتصال مسبق مع المقاول.

ويقوم المقاول باستخراج بعض المواد المعدنية لبيعها في الاسواق الفلسطينية كالحديد والنحاس ومن ثم يؤتى على حرق النفايات التي تنبعث عنها ابخرة وغازات تنتشر في معظم المنطقة المحيطة.

ان عملية الحرق وما ينتج عنها من ابخرة ودخان سام يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الطبيعة المحيطة بالمكان فمن النظر الى اوراق الاشجار تستطيع رؤية اللون المائل الى السواد ، والتاثيرات الواضحة على طبيعة الارض المحيطة بالاضافة الى انتقال الدخان والابخرة السامة عبر الهواء الى مختلف التجمعات السكانية المحيطة .

وفي احدى زيارات الحياة الخضراء الميدانية للمكب حيث كانت الامطار تهطل بغزارة في المنطقة لوحظ تدفق المياه من المكب الى اقنية وممرات مائية تنتشر بين الاراضي وبتالي فان هذه المياه الملوثة تجري باتجاه الى المياه الجوفية في المنطقة.

وعلى صعيد التأثيرات الصحية لسكان القرى المحيطة فقد قامت جمعية الحياة الخضراء بمخاطبة وزارة الصحة بكتاب رسمي حول المكب والاثار الصحية الناجمة عنه والمرصودة من قبلها في المنطقة،اضافة الى الشهادات الصحية حيث أكد مدير عام صحة البيئة في الوزارة المهندس ابراهيم عطية على عدم توفر اي معلومات عن هذا المكب نظرا لحداثته نسبيا واعدا بتزويد الحياة الخضراء بكافة المعلومات الصحية بعد معاينة المكب من قبل الطواقم التابعة للوزارة في فترة وجيزة موضحا ان المنطقة تعاني من الاثار السلبية للمكبات السابقة .

موقف الهيئات المحلية في المنطقة

في اطار متابعة الحياة الخضراء لمكب جمالا قامت بالاتصال رسميا بالهيئات المحلية للقرى المحيطة بالمكب . حيث افاد رئيس مجلس قروي شقبة السيد اسماعيل ابو سميح بان المكب لا يقع على اراضي قرية شقبة وبتالي هو خارج صلاحياته، مؤكدا على الخطر البيئي الناتج عن وجود المكب وقربه من القرية ، فيما اكد رئيس مجلس قروي شبتين جميل سعدات رفضه لوجود المكب وتاثيراته السلبية على اراضي شبتين والمناطق المجاورة ، مشيرا الى محاولاته مرات عديدة وبمساعدة بعض أهالي القرية وقف الشاحنات المحملة بالنفايات الاسرائيلية لكن دون جدوى بحجة ان المكب لا يقع على اراضي شبتين .

اما بلدية الاتحاد، والتي تتبع اليها اراضي قرية جمالا وبتالي المكب ضمن اختصاص سلطتها قلل رئيس بلدية الاتحاد السيد هشام رشاد بزار من اهمية اثر التلوث الناتج عن المكب وقال انه يحتوي على مواد بسيطة لا تسبب اي ضرر وعند طلب الحياة الخضراء بعض المعلومات الخاصة بالمكب وعد السيد البزار بتحويلها الى القسم االهندسي لتزويد الجمعية بالمعلومات المطلوبة خلال ايام الا ان ذلك لم يحدث حتى اعداد هذا التحقيق.

موقف الحياة الخضراء

من جهتها اعتبرت "الحياة الخضراء" وجود هذه المكبات غير القانونية والتي لا تخضغ لاي ضوابط او قيود او تراخيص تمنح من قبل الجهات المختصة، انتهاكا واضحا للبيئة وحقوق الانسان في العيش في بيئة نظيفة خالية من التلوث . وفي هذا السياق ،فان الحياة الخضراء تدعو كافة الجهات الرسمية والاهلية والشعبية لوضع حد لهذه الانتهاكات البيئية التي تؤثر سلبا على البشر والشجر والحجر.

وطالبت "الحياة الخضراء" كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة ومن ضمنها بلدية الاتحاد وسلطة جودة البيئة ،وزارة الحكم المحلي ، ووزارة الصحة وسلطة المياه ومحافظة رام الله والبيرة باتخاذ الاجراءات اللازمة فيما يتعلق بمكب نفايات جمالا . مع تأكيد "الحياة الخضراء" ان الجهات الرسمية قد اتخذت اجراءات حاسمة مع المكبات السابقة لذا تدعو الحياة الخضراء الى استمرار هذا الدور الفاعل مع كافة الجهات المعنية والى ضرورة واهمية تنفيذ حملات توعية وتثقيف بيئي للمجتمع المحلي والهيئات المحلية في تلك المنطقة لتوضيح مدى خطورة هذه المكبات والحد من اثارها السلبية.