موسم الإرهاب السنوي بقلم/ توفيق أبو شومر

موسم الإرهاب السنوي      بقلم/ توفيق أبو شومر
موسم الإرهاب السنوي بقلم/ توفيق أبو شومر

موسم الإرهاب السنوي      بقلم/ توفيق أبو شومر وصفَ أحدُ الآباء هذا الوقت من كل عام في الأشهر التي تسبق الامتحانات العامة في مدارسنا قائلا:  ( لقد حلَّ موسم الإرهاب)!  وأضاف : "إن هذا الموسم لا يستنزف ميزانية الأسرة في الدروس الخصوصية فقط، بل إنه يوترها ويجعلها تعيش أكثر من ثلاثة شهور في رعب من الامتحانات، فمتلازمة الامتحانات المَرَضية لا تصيب الأبناء فقط ، بل هي وباءٌ يصيبُ الأسرة كلها! المجتمع كلُّهُ مشغولٌ بالسياسة والاقتصاد والنقد والتجريح ومتابعة مباريات كرة القدم، ولا أحد يعير هذا الموضوع الخطير اهتماما"!!                                   لم تعد الغاية من التعليم والتربية هي توسيع عقول الأبناء وتنويع معارفهم، واكتشاف مواهبهم، وإنما اقتصرت الغاية على القدرة على اكتشاف ألغاز الاختبارات، والتخصص في [ فقه الاختبارات العامة]  إذ أن مجموع درجات التفوق في هذه الاختبارات لا يعني النبوغ، بل إنه يعني أن المتفوقين اكتشفوا ألغاز الاختبارات، وخبروا الطريق المعتادة التي سارت عليها الاختباراتُ منذ عقود طويلة!! لذا فإن معلمين كثيرين اختصوا في هذه المهنة وهي مهنة تدريس الطلاب فنون الإجابات في الامتحانات، ومهارات حفظ الإجابات النموذجية من الكتب والمطويات ولفائف الإجابات النموذجية التجارية ، وهذه المهارة والمهنة هي من أكثر المهن انتشارا في بلادنا!                              تمكنتْ أممٌ كثيرة من التخلص من إرهاب الاختبارات التي تقيس قدرات الطالب وتُحدِّد مستواه ومستقبله في ساعة أو ثلاث ساعات، تحت حراسة مشددة على وقع مارشات جنائزية، تتخلل الاختبارات، عندما يصيح حراسُ لجنة المراقبة:  بقي من الوقت نصف ساعة!! أو انتهى الوقت!!                                    استطاعت دولٌ كثيرة في العالم تخفيف هذا الإرهاب، بوسائل عديدة، وذلك بتقسيم درجات الامتحانات على نشاط الطالب طوال العام، وقامت دولٌ أخرى بالقضاء التام على أوقات الاختبارات، ووزعتْ الاختبارات في كل الأوقات حسب القدرة والكفاءة!! وتمكنت دولٌ أخرى أيضا من القضاء المبرم على نظرية أن المجموع النهائي لدرجات الطالب هو فقط الذي يحدد تخصصه ومستقبله، واعتبرت أن حصول الطالب على نسبة عالية في امتحانات الثانوية العامة لا يعني أن الطالب الحاصل على هذا المجموع يمكنه أن يتفوق في كل الجامعات والمعاهد، فقد وضعت الجامعات والمعاهد مواصفات واختبارات لقبول الطلاب بغض النظر عن مجموع درجاتهم في اختبارات الثانوية العامة!! إذن نحن بحاجة ماسة إلى ثورة على النظام التعليمي بأسره، نحن في حاجة للثورة على مقررات حشو العقول التي تكون غايتها تأسيس أسراب طيور الببغاوات، الذين يرددون ما يسمعون، ويحفظون الأغاني التي تجرعوها في مدارسهم مرغمين!! نحن محتاجون أيضا إلى أن ننهض بقطاع المدرسين، بتثقيفهم وتحسين ظروف حياتهم، بزيادة مرتباتهم وإشراكهم في تقرير مصير طلابهم، لأن كلَّ ما نعطيه للمدرسين من تقدير واحترام، إنما نعطيه في الحقيقة والواقع لأبنائنا!!