المطلوب غربلة في فتح ....بقلم نبيل ياسين

المطلوب غربلة في فتح   ....بقلم نبيل ياسين
المطلوب غربلة في فتح ....بقلم نبيل ياسين

المطلوب غربلة في فتح   ....بقلم نبيل ياسين

إن المطلوب في هذه المرحلة بالتحديد هو إجراء عملية فرز وغربلة للأطر التنظيمية في داخل حركة فتح من الهرم وحتى القاعدة , وذلك لكي نستطيع المحافظة على الجسم الفتحاوي سليما ومتينا  ولا تشوبه أي  شائبة او تعتريه بعض التصدعات والتشرذمات من هنا او هناك .

ولكي نستطيع القيام بهذا الدور الآن يجب أن نتعرف في البداية على مواطن الضعف والخلل التي أصابت الحركة وأطرها التنظيمية في تلك المرحلة العصيبة , منذ ما قبل تنفيذ اتفاقيات أوسلو وحتى هذا اليوم الذي تمر فيه الحركة في أسوأ مراحلها التنظيمية والهيكلية .

منذ البداية كانت حركة فتح تتميز بالعنصر الملتزم والمنتمي لها ولأطرها وفعالياتها . ملتزم بكل أمانة وصدق ودون أية مصلحة شخصية أو أي منصب يغريه من هنا او هناك , وكان جل اهتمام العنصر منذ انتمائه للحركة هو أن يصبح  فتحاويا معطاء ملتزما بمبادئها وتاريخها المتميز بالبذل والعطاء والتضحية منذ نشأتها الأولى عام 1965 .. وحتى مراحل النضال الطويلة والمعقدة التي مرت بها الثورة الفلسطينية , مرورا بمرحلة ما قبل حرب عام 1982م , ودخولها في الانتفاضة الأولى المباركة عام 1987م , ووصولا إلى اتفاقيات أوسلو ومرحلة ما قبل السلطة , وفي عهد السلطة الفلسطينية .

         فلذلك كان العنصر الملتزم والمنتمي للحركة يهتم بالكيف في العطاء والالتزام , وينظر للمصلحة العليا للحركة بشكل عام ورئيسي , وليس كما يحدث الآن يلهث وراء رتبة تنظيمية أو منصب في وزارة مدنية هنا او هناك , وأصبح يدور في فلك دائرة الاستزلام والمحاور والشلل الفارغة من محتواها النضالي , بأن يحسب مع هذا الشخص أو ذاك كي يستطيع تلبية مصالحه الشخصية بالمنصب أو غيره , فأصبح يلهث وراء سراب ونسي مصلحة الحركة , ونسي دوره الطليعي بالنهوض بها في هذا المجتمع , وما يوجد به من تناقضات وعلاقات متشابكة بين شرائح المجتمع وتركيباته , ومشاكله الإنسانية والاجتماعية وحتى السياسية .

إن الشخص المتتبع لوضع الحركة الآن لا يستطيع أن يتصور في لحظة من اللحظات أن يرى الأخوة المناضلين الذين كانوا على أعلى درجات من البذل والعطاء , أصبح الشاغل لهم الآن فقط هو المنصب أو أن يكون محسوبا في هذا المحور أو ذاك . 

                وللإنصاف والحقيقة أن هذا الأمر مع طبيعة الظروف الاجتماعية والإنسانية التي مر بها الإخوة المناضلون ليس عيبا عليهم أو غريبا أن يطمح الإنسان في الوصول إلى مرحلة متقدمة ومتميزة ... ولكن الغريب أن يصبح ذلك الشخص أداة طيعة في يد هؤلاء المستحكمين والمتنفذين في مقدرات ومصالح هذه الحركة .. وهذا الوصف يعتبر هو الخلل الأول والرئيسي على صعيد ما نتحدث به الآن . فلا بد من إجراء مراجعة سريعة وملحة في هذه المرحلة بالذات التي تمر بها الحركة والتي هي عبارة عن مفترق طرق , أما أن تكون هذه الحركة فعالة ومتميزة وتقود الجماهير الى الأحسن والأفضل , و إما ألا تكون وتصبح خبر كان مثلما حدث في الأحزاب والحركات الأخرى في محيط امتنا العربية والبلدان الثورية الأخرى .

المطلوب اجراء مراجعة للذات والضمير وفي أقصى سرعة , لان المرحلة صعبة وحرجة جدا , وإلا حدث ما لا يحمد عقباه , وتصبح فتح ومناضليها كثيرين لكن لا تجمعهم فكرة واحدة , أو حتى موقف واحد يمكن ان يصبح لفتح فيه الأغلبية في السلطة والقرار بعد ذلك .. وبعدها نجلس ونقول ياليتنا فعلنا وفعلنا ,.. مثلما يحدث الآن في العديد من المواقف والأمور المعقدة .

فالمطلوب الآن الابتعاد عن الأنانية والمصلحة الذاتية وان يبقى الشعار الوحيد في هذه الظروف الصعبة هو وحدة حركة فتح ونزاهتها وقوتها وعظمتها ... وهذا يتأتى بالعقول النيرة والفكر الناضج والقلوب الطاهرة والضمير الحي .

ولكي يسود ذلك يجب ان نعطي المجال لهذه الأفكار والمبادئ ان تسود الآن .. الآن .. وليس بعد مائة عام .