علامات على الطريق - الانقسام الفلسطيني أكاديميا ...بقلم : يحيى رباح

علامات على الطريق - الانقسام الفلسطيني أكاديميا ...بقلم : يحيى رباح
علامات على الطريق - الانقسام الفلسطيني أكاديميا ...بقلم : يحيى رباح

علامات على الطريق - الانقسام الفلسطيني أكاديميا ...بقلم : يحيى رباح

أهداني الأخ والصديق العزيز نعمان فيصل, وهو كاتب, وباحث جاد ودؤوب, نسخة من كتابه الجديد المعنون «الانقسام الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني وفي ظل السلطة الوطنية», دراسة مقارنة وهو في الأصل رسالة ماجستير قدمها الأخ نعمان فيصل لجامعة الأزهر في غزة, لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية أشرف عليها الصديق الدكتور إبراهيم أبراش وناقشها الصديقان العزيزان الدكتور كمال الأسطل أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر والدكتور خالد صافي أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة الأقصى, وأتيح لي أن أحضر جلسة المناقشة التي زادتني إثراء في موضوع الرسالة.

الكتاب /الرسالة, يقع في 410 صفحات من القطع المتوسط مطبوع على درجة عالية من الجودة والأناقة وبغلاف فاخر وصادر عن الدار المصرية الألمانية للنشر والطباعة والتجليد, ويتكون من خمسة فصول زاخرة بالمعلومات القيمة, والتحاليل والمقارنات الدقيقة, مستندا إلى مائة وإحدى عشرة وثيقة ومرجعا وموسوعة ودورية ومجلة ومقابلة باللغتين العربية والإنجليزية.

وانتهى المؤلف إلى خلاصة وضع فيها أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الانقسام في عهد الانتداب البريطاني, والانقسام في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية, حيث أوجزها في جدول مكون من نقاط ذكية ومحددة.

فعلى سبيل المثال: الانقسامان وقعا تحت سقف الاحتلال , الأول هو الاحتلال البريطاني والثاني هو الاحتلال الإسرائيلي, وأن كلا الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي لم يكونا بعيدين عن الدفع باتجاه وقوع هذا الانقسام أو ذاك, وأن المستفيد الوحيد من الانقسام هو الاحتلال سواء كان البريطاني أو الإسرائيلي.

وأن الدوافع العائلية في حالة الانقسام الأول, والدوافع السياسية والأيدلوجية في حالة الانقسام الحالي لا تبرران هذا الانقسام, بل هما غطاء تافه ليس إلا.

وعلى سبيل المثال أيضا فإن الانقسام الحالي, في ظل الاحتلال الإسرائيلي, أدى من ضمن أضراره الكبيرة الفادحة إلى انقسام جغرافي أصبح فيما بعد بداية لكارثة أكبر, بينما لم يؤد الانقسام في عهد الانتداب البريطاني إلى انقسام جغرافي.

بهذا البحث الأكاديمي القيم والجاد يكون صديقي العزيز نعمان فيصل أدخل الانقسام الأسود الذي عبر إلى سنته السادسة, إلى مختبر التشريح الأكاديمي, وربما يكون هذا الكتاب الرسالة هو أول بحث علمي أكاديمي يتناول جوهر الانقسام الفلسطيني الراهن, بدوافعه الحقيقية, وادعاءاته الزائفة, ومآلاته الأشد خطورة وتدميرا على القضية الفلسطينية.

وهذا يعني أن كتاب صديقي العزيز نعمان فيصل الذي يسعدني أن أشير إليه في زاويتي في جريدة الحياة الجديدة, يمدنا بمعرفة حقيقية, ويمنحنا اليقين الإضافي, بأن هذا الانقسام يجب أن ينتهي, وإلا فإن استطال هذا الانقسام, فإن الفاعلين الرئيسين فيه سيذكرهم التاريخ بعد عقود, ربما بعد عشرات من العقود, سيذكرهم بطريقة سلبية جدا, ويصورهم بصورة مشوهة جدا, بأنهم كانوا سببا في إحداث المزيد من الألم والعذاب لشعبهم الفلسطيني, وإطالة معاناته, وسد الأفق في وجهه، ترى, هل يعلم أهل الانقسام والمتاجرون به هذه الحقيقة المروعة؟

شكرا لأخي وصديقي العزيز نعمان فيصل على جهده الكبير, وكل جهد من هذا النوع يضيء في قلب العتمة هو جهد مبارك, ينال عليه صاحبه أجمل الذكر من البشر وأفضل الثواب من الله.