نظام جائر وتنظيمات ساديَّة بقلم : علي أبو الريش

نظام جائر وتنظيمات ساديَّة  بقلم : علي أبو الريش
نظام جائر وتنظيمات ساديَّة بقلم : علي أبو الريش

نظام جائر وتنظيمات ساديَّة

بقلم : علي أبو الريش

تتفكك الدول، وتتبعثر سيادتها في الهواء الطلق، وتصير طرائق قِدَداً، لوجود أنظمة جائرة ومنظمات سادية شوفينية لا تتقي الله، في شعوبها المطحونة والمسحونة والمغبونة، والمسجونة في قفص العدمية واللا حول ولا قوة. نقول «كذب المنجمون ولو صدقوا»، وهرطق منظرو ثورات الربيع العربي، حتى باتوا منجمين يقرؤون فناجين الأمنيات، بقلوب لا تبصر، وعيون لا تنظر، وأسسوا للفقراء والمعدمين، جمهوريات من وهم، وقارنوا بشكل فج وممجوج بين ثوراتهم، وثورات الربيع الأوروبي التي حدثت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، معتبرين ما يحدث في الوطن العربي هو وليد وعي شعبي، مقرون بدورة التاريخ الطبيعي. والأمر هكذا، مضت الثورات باتجاه التفكيك وعزل النظرية عن التطبيق، فصارت الدول دويلات، والسيادة باباً مهترئاً مفتوحاً باتجاه العواصف الناسفة، الخاسفة، المتعسفة، المسفِة، المتعجرفة.

ما سيَّل لعاب العامة، وأثار شهوتهم باتجاه التغيير، هو وجود الشعار التاريخي الجميل «الحرية» فانساقوا لاهثين عابثين مفتشين عن مخرج، فإذا بهم يدخلون في نفق، أشد عتمة من ذي قبل، لماذا؟ لأن الذين حملوا لواء التغيير كانوا يظهرون حقاً ويبطنون باطلاً، وذلك بانتمائهم إلى نظرية شوفينية، أنانية إقصائية، أشد مضاضة من أنصال من عارضوهم، ووقفوا في وجوههم.

واليوم وبعد فوات الأوان، وانتحار المكان، وتحول الأرض إلى يباب ومهبط عذاب، أصبح من الصعب إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن الذين أمسكوا بزمام أمور التغيير، ذهبوا بالنظرية إلى أبعد ما يمكن، وانغمسوا في بحار الأجندات المكفهرة، والمتأبطة شراً بالمنطقة، والتي تضم أولويات لمصالح دول، واستراتيجيات بعيدة المدى.

نقول أياً كانت هذه الدول، حتى ولو كانت دول أصفياء، فإنه «ما يحك ظهرك غير ظفرك» ومتى ما سلمنا أمورنا لغيرنا أصبحنا رهائن إرادة الآخر، وصرنا حملاناً يقودها رعاة أشد جوراً وفجوراً من أنظمة نقمنا عليها، والتنظيمات الشوفينية السرية والظاهرة، ما هي إلا كالثيران الإسبانية، يغريها ويثريها ويثيرها الأحمر الفاقع، ومستعدة لأن تضحي بالأوطان والإنسان لأجل تحقيق مآرب أخرى، ولأجل سلطة تجعلها تنفذ قوانين، الصوت الواحد، ومستعدة بذلك لأن تتحالف مع الشيطان، ومستعدة لأن ترجم الأديان بسبعين حصاة، من أجل طمس واقع، والوقوف على ركامه بشهامة راسبوتين، ورهبته المصنوعة من عاج الشعوذة، وأمواج الحقد على كل ما هو جميل في هذه الحياة.

تنظيمات تحلم بالسلطة، كحلم إبليس بالجنَّة، وتسعى إليها، بكل ما تملك من قوة، وخدع بصرية، تنظيمات دائماً تسكن المناطق الرمادية لسهولة التوغل إلى ظلمات الفكر، والاستيلاء على إرادة الآخر.