حضارة العنف والرعب بقلم : عبداللطيف الزبيدي

حضارة العنف والرعب  بقلم : عبداللطيف الزبيدي
حضارة العنف والرعب بقلم : عبداللطيف الزبيدي

حضارة العنف والرعب

بقلم : عبداللطيف الزبيدي

أصبح العنف مدرسة فنية، مذهباً فكرياً، إن لم نقل عقيدة شيطانية تسود الحياة العامة في كل الميادين . ظاهرة غريبة في العصر الحديث، تختلف جذرياً عما عرفه التاريخ من أشكال العنف . الحرب كانت ولا تزال مرعبة كارثية، لكن ماذا عن الفنون والنصوص المحسوبة على الأدب؟ في عهد الرومان كانت ثمة ألوان من الرياضة القاتلة، لكن، ما المبرر اليوم ولو أن هذا العنف غير قاتل؟

 

منذ بداية المراهقة يغرق الأطفال في عنف الألعاب الحاسوبية، بعد سنتين أو ثلاث تمطره السينما بأفلام العنف “الأكشن” والرعب . أما نشرات الأخبار في مئات الفضائيات فهي لعب باللحم الحي، لا خيال ولا تمثيل . وفي الكثير من بلاد الله، يقضي الطفل سنين وهو يرى العنف والرعب أمام بيته، في حيه ومدرسته، في الأسواق وفي قرى بلده ومدنه .

 

عن أي تربية أو تهذيب أخلاقي نتحدث، عندما يكون الشخص المعني عراقياً ولد في بداية الحرب الإيرانية العراقية، وعاش الحصار ثم الغزو والاحتلال، وإلى يومنا هذا يرى في كل يوم حصاد العشرات من مواطنيه . مسيرة تبعث على الزهد والتقوى .

 

في البلدان التي نجت، حتى هذه الساعة، من عنف العصر ورعبه، تكون الجولات بين الفضائيات محفوفة بالمصارعة الأمريكية والملاكمة . وهاتان “رياضتان”  لا تختلفان في نظري عن ترويج السموم . الآثار مدمرة .

 

ولو كانت الملاكمة تقف عند حدود التربية البدنية بالأكياس إياها، لكان الأمر رائعاً . أي رياضة في تفجير العين أو كسر الفك أو الإصابة بارتجاج في المخ؟

 

كيف يمكن الحكم بقيم الفن على القمع الذوقي، بموسيقا “هيفي ميتال” وأفلام الرعب قتلاً فردياً وجماعياً وتفجيراً وإحراقاً وتدميراً؟ هل في ذلك تهيئة للبشرية حتى ترى ما يحدث على أرض الواقع شيئاً عادياً؟ تلك “فنون” هدامة، نرى نتائجها المخرّبة . فما كل ما يحدث في بلاد العرب ينفذ بأيد غير عربية . والتدمير معدٍ . وحين تدمر المعنويات ينفذ بأيد غير عربية، والتدمير معد . وحين تدمر المعنويات تتعاون الأيدي مع الخراب، فإلى متى نظل نسأل: ما الذي ستفعله الأمة اليوم وغداً بطاقات شباب يحترق ويحرق؟ على من تقع المسؤولية إذا حول هؤلاء الأمة العربية إلى هنود حمر؟ هي ذي نتائج تهميش المناهج والثقافة البناءة طوال عقود في أنظمة طبائع الاستبداد .