مصر والانحدار المريع بقلم: نزيه القسوس

مصر والانحدار المريع  بقلم: نزيه القسوس
مصر والانحدار المريع بقلم: نزيه القسوس

مصر والانحدار المريع

بقلم: نزيه القسوس

الشارع المصري لا يزال ملتهبا والاشتباكات تدور بين المحتجين و الشرطة نشعر بالحزن والأسى عندما نلقي نظرة على المشهد السياسي والاقتصادي في مصر فهذا البلد العربي الغني بامكاناته والقوي بشعبه وبمؤسساته والعريق بتاريخه وحضارته ينزلق إلى الهاوية خلال فترة قصيرة ويصبح منقسما على نفسه بين معارض وموال وبين رئيس غير قادر على السيطرة لا على الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والذي ما زال خاضعا لسياسات جماعة الاخوان المسلمين الذي هو أحد زعمائها حيث كان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة التابع الجماعة وحتى نفس هذه الجماعة منقسمة إلى حد ما على نفسها فهنالك من يقول بان فرصة الوصول للحكم لن تتكرر ويجب علينا الامساك بها بكل ما أوتينا من قوة بينما هناك من يخالف هذا الرأي ويقول بأن على الجماعة أن لا تنفرد بالسلطة بل تتشارك مع بقية الأحزاب السياسية في الحكم .والرئيس في غمرة هذه الأحداث يبدو وكأنه لا حول له ولا قوة وهو غائب تماما عن المشهد . أما الشارع المصري فما زال ملتهبا والاشتباكات تدور كل يوم بين المحتجين وقوات الشرطة التي تتهم بأنها تستخدم القوة المفرطة مع المتظاهرين بينما لا تتعامل مع المجرمين والسفاحين الذين يهددون أمن المواطنين في عقر بيوتهم كما أن مدينة بور سعيد ما زالت تمارس العصيان المدني وتساندها في ذلك مدن القناة والاحتجاجات ضد الحكومة والرئيس تمتد يوما بعد يوم إلى بعض المدن المصرية الأخرى وكل ذلك ينعكس على المصريين الذين يعانون من الفقر والبطالة والغلاء الفاحش بعد تدني سعر صرف الجنيه المصري بالنسبة للدولار وقد تعثرت جهود الحكومة المصرية حتى الآن للحصول على قرض من البنك الدولي لدعم الموازنة العامة للدولة لأن الشروط التي سيفرضها هذا البنك هي شروط قاسية وتدخل في باب برنامج اقتصادي متكامل وهذا البرنامج يتضمن السيطرة على الانفاق الحكومي وفرض ضرائب جديدة على المصريين لا يمكن فرضها في الظرف الحالي الصعب . ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين مصر وبين الصين لوجدنا أن هناك فارقا كبيرا بين الدولتين فالصين التي استقلت عن بريطانيا عام 1949 كان ثلثا شعبها مدمنين على الأفيون وكانت تعاني من الفقر والبطالة لكن الصين الآن تملك أقوى اقتصاد في العالم وأعلى نسبة في النمو وهي دولة فضائية بامتياز بينما مصر والتي نفترض أن تاريخها الحديث بدأ بعد ثورة 1952 تردت أوضاعها وتراجع اقتصادها وجعل منها الفساد الذي مارسه الحكام دولة مهترئة ماديا وتعيش نسبة كبيرة جدا من شعبها تحت خط الفقر أو حتى أقل من ذلك بقليل وهنالك أكثر من خمسة ملايين مواطن مصري يعملون خارج مصر بحثا عن لقمة العيش مع أن هذه الدولة العربية العزيزة لديها إمكانات هائلة فهي بلد مصدر للبترول والغاز ولديها أراض ٍ زراعية مروية شاسعة ولديها السد العالي الذي يحجز خلفه بحيرة ضخمة من المياه العذبة وآثار مشهورة في العالم من المفروض أن تجلب السياح من مختلف أنحاء العالم وبأعداد كبيرة جدا وأخيرا لديها قناة السويس التي تعتبر من أهم الممرات المائية في العالم والتي تدر عليها دخلا يوميا هائلا من الرسوم التي تدفعها السفن التي تمر في هذه القناة . بعد أن أسقط الرئيس حسني مبارك منذ حوالي سنتين ما زالت مصر تعيش مخاضا عسيرا وما زالت التجاذبات تشتد بين المعارضة وبين جماعة الاخوان المسلمين وما زال الشارع المصري ملتهبا ويشهد كل يوم احتجاجات ومظاهرات واشتباكات مع قوات الأمن والأهم من هذا أن المواطنين هناك افتقدوا الأمن والأمان وأصبحوا لا يؤّمنون على بيوتهم وأملاكهم وحتى على أبنائهم وكل ذلك يجري ولا توجد أية بوادر لانفراج الأزمة السياسية والاقتصادية وما زال الناس ينتظرون الفرج ولا يعرفون متى سيأتي هذا الفرج .