أمران لا ثالث لهما بقلم : عبد اللطيف الزبيدي

أمران لا ثالث لهما  بقلم : عبد اللطيف الزبيدي
أمران لا ثالث لهما بقلم : عبد اللطيف الزبيدي

أمران لا ثالث لهما

بقلم : عبد اللطيف الزبيدي

تبدو الأمة العربية وكأنها في حالة إعادة تدوير، ولا ثالث لأمرين: إما انبعاث جديد، وإما تحلل كامل واندثار . ولكليهما قائمة طويلة من المؤشرات والدلائل والاستدلالات .

 

أما الانبعاث الجديد الذي يلوح في الضبابية والظلامية الحاليتين بعيد المنال، فيمكن رؤية ملامحه المتقطعة المتباعدة من خلال التحولات التي حدثت وتحدث . فالتحديات القاسية التي واجهتها، والأساليب الشرسة الخبيثة التي سعت إلى حرفها عن مسارها، جعلت الشعوب العربية تدرك بيقين أن القوى العالمية ترى يقظة الأمة ووحدتها عدواً لا يمكن السماح له بالظهور قوياً على المسرح، وهو يملك أربعين في المئة من مخزون الطاقة في العالم .

 

أمامنا مشهدان مختلفان هنا: من جانب القوى العالمية المناهضة لعودة الروح، هذه هي الفرصة التاريخية للإجهاز على فكرة الأمة وحتى وجودها . ومن ناحية الأمة، هذه هي الفرصة التاريخية للنهوض الحقيقي، فالقوى العالمية المقصودة فقدت صدقيتها الحضارية وذوت أوراقها الأخلاقية، إضافة إلى العجز الاقتصادي وثقل المديونيات، فلم يبق لها سوى المخالب والأنياب . وهذه غير كافية . وفي التاريخ، قديمه وحديثه، صفحات لا تحصى عن ظروف مماثلة انقلب فيها السحر على الساحر . ثم إن عودة نوع من التوازن إلى العالم، ما يلغي فردية الهيمنة، نقطة إيجابية .

 

وأما التحلل الكامل والتفتيت الشامل، فالدلائل عليهما كثيرة أيضاً . فقد تراجع الإحساس بالخطر وبالتالي خبت جذوة التحدي، وغابت المشاريع والتطلعات والمطامح، وتوارت تلك اللفظة الخلدونية: العصبية، وأُكِلَتْ ثيران بيض وسود ولم تطرف لعربي عين، وباتت اللامبالاة بالتضامن والتعاضد ثقافة سائدة، ولم تحدث أي حركة لتجديد المناهج وتطويرها، واستهان العربي بالبحث العلمي والاستثمار فيه، وتضعضعت الضاد، ومعها الهوية، ما جعل المناعة إزاء الفتن تتداعى، بل صار الجسم العربي ينتج بنفسه الفيروسات التي تهدم مناعته .

 

لزوم ما يلزم: على العرب ألا يهتموا للأمرين . عليهم أن يدركوا أمراً واحداً، ألا وهو أن الهبّة ستكون للجميع معاً، وأن رقدة العدم، ستكون للجميع معاً أيضاً .