الختيار "هولمان".. قلب معين الكبير..ودماثة خلق أبو كويك من حكايات الدوري

الختيار "هولمان".. قلب معين الكبير..ودماثة خلق أبو كويك من حكايات الدوري
الختيار "هولمان".. قلب معين الكبير..ودماثة خلق أبو كويك من حكايات الدوري

حكايات الدوري..

الختيار "هولمان".. قلب معين الكبير..ودماثة خلق أبو كويك

رسم الصورة:  أحمد خليل المشهراوي:

 

بحاسته الصحفية، وبتذوقه الإعلامي، الذي اكتسبه في مدرسة الحاجة يسرى في الركن الجنوبي الغربي من حي الزيتون، وبأدبه الجم، وقلبه الكبير الذي يستع كل القلوب، سارع معين فرج  صوب المدرجات في ستاد اليرموك التاريخي، عقب مواجهة الأخوة بين شباب خان يونس والاهلي الفلسطيني، التي أكرمه فيها الضيف اصحاب الأرض بهدفين لهدف.. لم أدر أين يتوجه "أبو محمد" صاحب العقد الخامس، الذي لم يمنعه المرض وكبر السن، وانشغاله في التجهيز لحفل زفاف ابنه الوحيد "محمد"، لم يمنعه الفرحة التي ربما ستكون الأغلى، ولا مرض أختي "أم محمد" من متابعة جنوده في مشهد يعترف به لهذا القائد.. ذكرني بنفس الجلسة، التي كان يجلسها مع الزميل الراحل عادل شحادة، وعندما كان عادل – يرحمه الله يغير مكانه لمرة واحدة، يبادره أبو محمد ذو القلب الأبيض بالقول: إيش هالعادة يا شحادة؟

توجه مسرعاً صوب رجل ستيني يقف خلف الأسوار من الجهة الثانية، تمعنت في القادم، فإذا هو المدرب الكبير صاحب الخلف الرفيع- أسماء كثيرة يحملها هذا الرجل، ثعلب الملاعب، وملك الإنجازات، ولعل أشهرها " هولمان" ذاك المدرب الألماني، الذي يشبهه في الكثير من الأمور.


صافحه الرجل من خلف الأسلاك، ذكرني بزيارتي لشقيقي محمد الذي يكبرني، ونبيل الذي يصغرني، عندما كنا نزوره مع والدتي الحاجة فاطمة، التي أقعدها بتر ساقها الأيمن، كنا نلصق كفي يدينا من الجهتين بين اشواك سياج السجان.. رد معين على المصافحة، بسؤاله المعتاد كيفك يا كابتن عمر، بشوفك في الملاعب.

يرد الأب الروحي لأندية وعلى رأسها شباب رفح، الحمد لله بخير، لكن كرتنا لم تعد كذلك، بحاجة إلى إعادة إنعاش في غرفة العناية المركزة.

لم يكن الختيار صاحب الشعر الأبيض، الذي لم يتبق له في فمه سوى بضع أسنان بعدد بطولات الدوري في قطاعانا، الذي يحلم بانتظام بطولاته.. لم يكن من أولئك المتشائمين، لكن أحلام يقظة الشباب لا زالت تراود عمر الشاب، الذي حفرت قدميه الحافتين ملاعب حواري رفح بالطول والعرض.

تقدم إليه معين: بشوفك عندنا، رد هولمان: أجل، حضرت مع ولدي خالد أبو كويك.. خالد الذي نقل عن هولمان كل شيء من تسديدة الكرة إلى الخلق الرفيع، الذي بدأ يتلاشى من ملاعبنا، حضرت هنا لمتابعة فريق الأهلي، الذي سيواجه شباب رفح في الدوري.

تحية لك يا أبو كويك، لم ينس مدربه الكبير، رغم أنه يتولى ذات المهمة الآن، ظل خالد وفياً لمعلمه، حضرا سوياً، وجلس إلى جانبه، يسجل بأسلوب الطالب المتأدب يا يمليه عليه هولمان.. إنه الإخلاص، وصدق الانتماء داخل المدرسة الزرقاء، التي أنجبت للملاعب نجوماً كبار.  

    

بادره معين، الذي لم يرحم هذا العجوز، وهو واقف على قدميه، يوجه له الأسئلة وللاستفسارات، وكأنه عثر على عزيز غائب، سأله عما يفعله الآن كواحد من نجوم الكرة الذين شهدت لهم ملاعب الوطن من جنين، مروراً بطولكرم وقلقيلية، ونابلس، والقدس الماسورة، حتى رفح، وعن الأسرة والأولاد، وعن صحته، وعن كثير من الأمور منها ما فهمته، ومنهم ما كان بينهما من أسرار دفنهما قلبا الرجلين.

تدخلت، لأقول: كيف ترى اللاعبين اليوم، قال هولمان: يا ريت يعود الانتماء الحقيقي للملاعب، والأخلاق التي تصنعها كرة القدم.. لقد دخلت المادة الغريبة على كرتنا، والعولمة الملعونة، لتفسد علينا جمال الكرة، كما تعرف الأخلاق والأدب هو نمرة واحد عندي في لاعبي.

قاطعني "معين" هل تعتقد أن الدوري ربما لا يسير بوتيرة سليمة، وأن تتراجع معشوقة الملايين، رد الختيار: أتمنى، أتمنى، أتمنى رددها ثلاثاً، أن تعود لموقعها الحقيقي، وأن ينعم الله علينا بكل ما يرتقي برياضتنا.

وكغلبته وحشرة الصحفيين، التي اكتسبها من موقعه الرائد "أطلس سبورت" سأله: كيف ترى قيام اتحاد الكرة بغزة عقد دورة تدريبية دون ان يشاركوك، رد بتأثر: أتمنى لهم التوفيق مع هذا الجيل الذي سيقود الدفة بعدنا، لكن عتبي على الاتحاد، كان الأولى من باب التكريم أن يشاركنا، لكن أعذرهم على مهامهم الثقيلة.. حديث طال وطال، اختتمه هولمان بشكر قدمه لأطلس وقائده والجنود المنتشرون، الذين لم يتخلوا عن واجبهم، ولم يتركوا الميدان، فمحمود فرج كان يلتقط صور الوقفة على السياج تارة، ويتابع ما يقوم به الخلوق المؤدب عاهد فروانة في الملاعب تارة أخرى، وفي الركن الثاني كان محمود عاشور يجري لقاءات مع مدرب شباب خان يونس بعد الفوز، وعلى مقربة منه الدكتور حسام، حسام حرب، يناقش نخبة من الرياضيين عن اللقاء.. رد هولمان اشكر أطلس فهم الوحيدون كرموني، موقف جميل.. غادرنا المكان ومعين لا يزال يخاطب الشيخ العجوز في سنه، لكنه شاب لا يزال في عنفوانه، وهو يتطلع لفجر مشرق لرياضتنا.