الإخوان” والثمن السياسي / بقلم : أمجد عرار

الإخوان” والثمن السياسي / بقلم : أمجد عرار
الإخوان” والثمن السياسي / بقلم : أمجد عرار

الإخوان” والثمن السياسي    

بقلم : أمجد عرار

بعد العدوان “الإسرائيلي” الواسع الأخير على غزة، أتيح لرئيس حركة “حماس” خالد مشعل أن يدخل إلى غزة من معبر رفح بالتزامن مع احتفالات “حماس” بذكرى تأسيسها . ليس مجدياً الدخول في جدل حول سبب سماح “إسرائيل” لمشعل الذي سبق لها أن حاولت اغتياله عام 1997 في عمّان، ورفضها السماح لرئيس حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلّح ونجل أمين عام الجبهة الشعبية - القيادة العامة بالدخول إلى غزة، فدائماً للكيانات الاستعمارية حساباتها .

لا داعي أيضاً للتركيز على الأجواء الاحتفالية التي أحيطت بها زيارة مشعل لغزة، ذلك أن حركته خرجت منتشية من الحرب التي صمدت فيها المقاومة وعلى رأسها “حماس”، وكان ذلك ملائماً للحركة أن تصوّر زيارة رئيسها لغزة بمثابة “دخول الفاتحين”، وقال البعض حينها إن من حق الحركة ذلك لكن العبرة في الخواتيم .

الفلسطينيون المنتشون بانتصار الصمود كان انتشاؤهم أكبر بالأجواء التصالحية التي رافقت احتفالات “حماس” التي غلّفت خطابات قادتها التي أنعشت آمال الفلسطينيين والمتعاطفين معهم بقرب إنجاز الاستحقاق الأهم، وليس هناك ما هو أهم من المصالحة الفلسطينية .

بالعودة إلى الوراء، ما أن تراجع وهج الحرب على غزة، حتى “عادت حليمة لعادتها القديمة” . عاد مسؤولو “حماس” و”فتح” لمناكفاتهم إياها، وأثبتوا أنهم أكثر ولاء للانقسام منه للمصالحة، لكن ما ظهر أكثر وضوحاً أن “حماس” حاولت توظيف نتائج الحرب لفرض شروط جديدة، في إشارة إلى نتائج حرب غزة، وكذلك التغيير الذي حصل في مصر بتسلّم الإخوان المسلمين، الحركة الأم ل “حماس” السلطة في الجارة الكبرى لغزة .

في هذه الأيام نكاد القول إننا عدنا إلى المربّع الأول، فحتى حديث المصالحة تبخّر وترك مكانه أسطوانة الاتهامات المتبادلة، وآخرها الحديث عن مفاوضات سرية بين “حماس” ومسؤولين أمريكيين وأوروبيين تحت عنوان شطب الحركة من قائمة “الإرهاب” .

ولعل تصريحات بعض قيادات الحركة حول قرب إخراج الحركة من القائمة تعطي نوعاً من المصداقية لهذه الأحاديث . وفي هذا الصدد ينبغي القول إن وصف حركات المقاومة ب “الإرهاب” من جانب إرهابيين وداعمين حقيقيين للإرهاب أمر فيه واحدة من مفارقات عصر الإرهاب المعولم . كما أن من نافل القول إن شطب “حماس” من قائمة الوصف المجحف أمر إيجابي وإنجاز مهم، لكن من حق أي منا أن يسأل عن ثمن هذا التغيّر في الموقف الأمريكي الأوروبي إن حصل، لأن أحداً لا يمكنه أن يكون مقنعاً إذا ذهب للقول إن هكذا قرار سيكون بلا ثمن سياسي . أحد قيادات “حماس” يقول إنه من غير المعقول أن يدعم الغرب إسلاميي مصر وتونس، ويبقى على موقفه من امتدادهم الفلسطيني . هذا كلام صحيح، لكن السؤال المشروع يطل برأسه مجدداً: هل دعم الغرب لصعود الإسلاميين في مصر وتونس وغيرهما، بلا ثمن سياسي؟ الجواب يعبّر عنه تأكيد النظام “الجديد” في مصر “احترامه” لاتفاقيات “كامب ديفيد” وحملته غير المسبوقة على الأنفاق التي تمثّل شريان الحياة لأهل غزة في ظل بقاء معبر رفح مغلقاً، وكذلك في الإشارات التطبيعية الواردة في أكثر من مناسبة على لسان قادة “النهضة” في تونس، وهرولة “ثوار” آخرين على الإعلام “الإسرائيلي” مع وعود بزيادة عدد سفارات الكيان في “بلاد العرب أوطاني” .