أطباء فرنسيون يعيدون رسم ملامح طفلة غزية واعادة البسمة لوجهها

اطباء فرنسيون يعيدون البسمة للطفلة يارا.jpg
اطباء فرنسيون يعيدون البسمة للطفلة يارا.jpg

غزة / المشرق نيوز

منذ عامين، تعاني الطفلة ابنة الثلاث سنوات يارا الفجم من مرض نادر تمثل بورم كبير في الجهة اليسرى من وجهها، وعلى الرغم من تحويلها إلى أفضل المستشفيات في الداخل المحتل، إلا أن الأطباء أخبروا أسرتها بأن لا علاج لها، وانعدام فرصتها بالنجاة.

فالطفلة يارا التي تسكن في خزاعة شرقي محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة مع عائلتها التي تعاني من فقر مدقع نتيجة عدم قدرة والدها المصاب بالصم على العمل، امتد الورم من الجمجمة حتى الفك السفلي، الذي بدوره ضغط على أعصاب العين والدماغ و عصب الوجه السابع وملأ تجويف الفم بالكامل، وكان يمتد شيئًا فشيئًا للأوعية الدموية الرئيسية التي تغذي الدماغ، وكانت هنا الخطورة الكبيرة على حياتها، حتى باتت أسرتها تعد أيامها، إلى أن تفقدتها رحمة الله.

فبعد أن غمر اليأس جميع أفراد أسرتها من حالتها التي لا رجاء من شفائها، قدم إلى قطاع غزة وفد فرنسي متخصص بجراحة الوجه والفكين تابع لجمعية إغاثة أطفال فلسطين، وعندما أتطلع على حالتها الصعبة جدًا، أخبر أسرتها أن الأمل لازال موجودًا بشفائها، وأنه مُصر بشكل كبير على انقاذها من المرض النادر الخطير الذي لازمها على مدار العامين..

دخلت يارا غرفة العمليات بمشفى الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، يرافقها الوفد الطبي، وكلهم يقين بأنهم سينقذون حياة الطفلة الغزية، فبدأ الأطباء بإجراء العملية الجراحية للمريضة لمدة 9 ساعات متواصلة دون كلل أو ملل، متحدين كافة الظروف والعوائق التي يمكن أن تطالهم وقت عملهم بإنقاذ يارا.

وبعد ساعات قليلة من البدء بإجراء العملية، اضطر الأطباء إلى إزالة جزء كبير من الأعضاء الداخلية للجزء الأيسر من الوجه لحماية العين والأعصاب خلال إزالة الورم.

وخلال مواصلتهم بإجراء العملية وإصرارهم على نجاحها وإنقاذ حياة الطفلة ذات الثلاث سنوات، قام الوفد الطبي بأخذ عضلة مع الأوعية الدموية الخاصة بها من الجزء الخلفي للقفص الصدري وزرعها مكان الفجوة التي حصلت في وجهها نتيجة إزالة الورم الكبير، وذلك لعزل الدماغ عن التجويف الفمي لتفادي حصول أي التهابات ومضاعفات محتملة قد تعرض حياة المريضة للخطر.

جراح الوجه والفكين والذي أجرى العملية الجراحية للطفلة يارا التابع لجمعية إغاثة أطفال فلسطين، الفرنسي، د. كوين قاسميار، يقول إنه بعد فحص حالة المريضة، ارتأى لزوم اجراء عملية جراحية لها بأسرع وقت ممكن، لأن حياتها باتت في خطر كبير، وعدم علاجها سيودي بحياتها لا محالة.

وأضاف د. قاسميار: "أن حالة يارا تعتبر نادرة الحصول فالورم امتد من الجمجمة حتى الفك السفلي، والذي أغلق أعصاب العين والدماغ وكان يمتد شيئا فشيئًا للأوعية الدموية الرئيسية التي تغذي الدماغ".

وتابع:" أننا تحدينا كل الظروف واضطررنا إلى ازالة جزء كبير من الأعضاء الداخلية للجزء الايسر للوجه لنحمي العين والأعصاب خلال ازالة الورم".

وواصل: " بعد ذلك قمنا بأخذ عضلة مع الأوعية الدموية الخاصة بها من الجزء الخلفي للقفص الصدري وزرعها مكان الفجوة التي حصلت نتيجة ازالة الورم الكبير، وذلك لعزل الدماغ عن التجويف الفمي لتفادي حصول أية التهابات ومضاعفات محتملة".

وبعد الانتهاء من إجراء العملية الجراحية المعقدة، يتوقع د. قاسميار أن تتعافى المريضة وتصبح قادرة على ممارسة حياتها الطبيعية خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع، مشيدًا الى الدور الرائع الذي قامت بها الطواقم الطبية المحلية في مجمع الشفاء الطبي.

ويتوقع د. قاسميار أن تتعافى المريضة وتصبح قادرة على ممارسة حياتها الطبيعية خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع، لافتًا إلى الدور الرائع الذي قامت بها الطواقم الطبية المحلية في مجمع الشفاء الطبي.

بدوره يقول جراح الوجه والفكين الفلسطيني د. أغيد المبيض إن الفريق المحلي قرر إجراء العملية لإزالة نصف الورم لخطورة ازالته كاملًا بعد عمل لجنة تقييم للحالة ورفض مستشفى هداسا عين كارم إجراء العملية لها، ولكن بسبب إعلان حالة الطوارئ في جميع مستشفيات قطاع غزة تم إلغاء جميع قوائم العمليات التي من كان ضمنها عملية يارا.

وأضاف د. المبيض: "أننا في قسم جراحة الوجه والفكين في مستشفى الشفاء استثمرنا وجود الوفد الطبي الفرنسي ذوو الخبرة الطويلة في هذا المجال، وعرضنا يارا عليه، وطلبنا من الفريق إجراء العملية الخطيرة لها كأول حالة بعد اخذ الموافقة الكاملة من عائلة الطفلة".

أما جد الطفلة زياد الفجم، يقول إن العائلة عانت كثيرًا منذ ولادة يارا، حيث قمنا بإرسالها إلى مستشفيات الداخل والقدس 6 مرات دون جدوى، وبالرغم من ذلك لم نفقد الأمل بالعلاج بالرغم من رفض مستشفيات الداخل المحتل بإجراء العملية الجراحية لها، معربا عن استغرابه لعدم مقدرة مستشفيات الداخل المحتل لإجراء العملية المنقذة لحياة ابنتهم وعدم توفر الإمكانيات لعلاجها بالخارج.

وأضاف الفجم: "مستشفيات الداخل اتصلت طلبت مني أخذ الطفلة لعدم وجود أي إجراء يمكن عمله لإنقاذ الطفلة".

وأشاد الفجم بالدور الذي قامت به جمعية إغاثة أطفال فلسطين والوفد الطبي الفرنسي لإنقاذ حياة يارا التي كانت تفقد الحياة شيئا فشيئا.

وفي نهاية حديثه، أعرب جد الطفلة عن سعادته الكبيرة بعد خروج حفيدته من العملية الجراحية التي استمرت نحو 10 ساعات متواصلة، وطمأنة الفريق الطبي الذي أجرى لها العملية أسرتها باستقرار حالتها الصحية.

وتعمل جمعية إغاثة أطفال فلسطين منذ الإنتفاضة الأولى على علاج الأطفال من خلال الوفود الطبية التي بلغ عددها 145 وفدًا من جميع أنحاء العالم في عام 2017 فقط، اضافةَ لرعاية إرسال الأطفال الى أمريكا وأوروبا لتلقي العلاج الخاص بهم.

يشار إلى، أنه بالرغم من حالة الطوارئ المعلنة في جميع مستشفيات قطاع غزة نتيجة مسيرات العودة على طول حدود قطاع غزة إلا أن الطواقم الطبية المحلية استثمرت وجود الوفد الطبي من أجل إنقاذ حياة عشرات الأطفال الغير متوفرة علاجهم في قطاع غزة والذين لا يستطيعون العلاج بالخارج نتيجة الأوضاع السياسية والحصار القائم على قطاع غزة.

الطفلة يارا الفجم بعد اجراء عملية تجميلية بوجهها.jpg