ونعم الديمقراطية! بقلم : محمد سلماوي

ونعم الديمقراطية!  بقلم :  محمد سلماوي
ونعم الديمقراطية! بقلم : محمد سلماوي

ونعم الديمقراطية!

بقلم :  محمد سلماوي


تعيش مصر الآن أجواء من الديمقراطية لم تشهدها البلاد منذ وحّد مينا القطرين ووضع أسس الحكم الفرعونى الذى لم يتغير إلا فى العهد الحالى الميمون، نسبة إلى اليمن وليس إلى القرد صاحب هذا الاسم المعروف بإطاعة الأوامر من نوم العازب إلى عجين الفلاحة، فمنذ بدأ حكم الفراعنة تعود الشعب المصرى أن يصدر الحاكم قراره، فينصاع له الجميع دون أى إمكانية لتغييره أو تعديله، فأوامره كانت دائماً أحكاماً إلهية لا راد لها، وتلك هى قمة الديكتاتورية. ولقد حاول رئيسنا فى هذا العهد الميمون أن يحصن قراراته هو الآخر لتصبح قرارات إلهية لا تراجع عنها ولا طعن عليها، لكنه والحمد لله تراجع عن ذلك، وها نحن نعيش الآن قمة الممارسة الديمقراطية، حيث القرارات الرئاسية يتم التراجع عنها كل يوم ويتم تغييرها وتبديلها بعد دقائق من صدورها، وليس أدل على ذلك من القرار الذى أصدره الرئيس ميمون.. أقصد الميمون بالتصديق على قانون الانتخابات ودعوة الشعب للاقتراع فى شهر إبريل المقبل، وفى نفس أيام الأعياد القبطية، على أن تكون الإعادة فى أيام أخرى تتصادف مع أعياد قبطية أخرى. ولو لم تكن هناك ديمقراطية يا معلمين يا بتوع المدارس، لكانت قرارات الرئيس قد نفذت رغم تعارضها مع القانون، ورغم عدم دستوريتها، ورغم تزامنها مع الأعياد القبطية، ولو لم تكن هناك ديمقراطية ما حدث هذا التراجع والتخبط والإلغاء. ولقد صرحت الرئاسة بأنها ستحترم قرار المحكمة ولن تطعن عليه، وتلك خطوة ديمقراطية لا يمكن إنكارها، خاصة أنها تأتى بعد ما سماه حكم المحكمة «انفراد رئيس الجمهورية» بدعوة المواطنين للانتخابات دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، كما انفرد قبل ذلك بإصدار قانون الانتخابات قبل عرضه على المحكمة الدستورية العليا، للتأكد من سلامته وعدم تعارضه مع الدستور، لكنه بمجرد أن حكم القضاء بأن فى ذلك معارضة مع نصوص الدستور الذى أصدره مرسى نفسه، مارس الرئيس الديمقراطية، وقال إنه سيمتثل للقضاء، فماذا تريدون من ديمقراطية أكثر من ذلك؟ ثم يجب ألا نغفل أن مرسى هو الذى اختار أن يعدل موعد إجراء الانتخابات، احتراماً لأعياد الأقباط، ولم يكن هناك حكم قضائى يلزمه بذلك، أليست هذه ديمقراطية أيضاً؟.. صحيح أن الرئيس لم يستشر أحداً قبل تحديد موعد الانتخابات، ولا حتى أجندته الخاصة لتفادى أيام الأعياد والإجازات الرسمية، لكنه بمجرد أن اعترض الناس على ذلك عدل عن قراره وغير أيام الانتخابات على الفور ودون تردد. والمثل الدارج يقول: إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص.. لذلك وجدنا هذه الممارسات الديمقراطية التى يحرص عليها الرئيس تنعكس أيضاً على باقى أجهزة الدولة، خاصة تلك التى نجح الإخوان، حتى الآن، فى الاستحواذ عليها مثل مجلس الشورى، فرغم أن القانون ينص على ضرورة عرض أى قانون، تكون للمحكمة الدستورية ملاحظات عليه، على المحكمة قبل إصداره، فإن مجلس الشورى عديم الخبرة غير ما غيره وعدل ما عدله دون أن يعرض الأمر على المحكمة، وهو ما استوجب وقف القانون بحكم قضائى حتى يتم عرضه على الدستورية. والحقيقة أننا لم نسمع أن مجلس الشورى قد اعترض على ذلك بل قبل حكم القضاء، وأغلب الظن أنه سيمتثل له.. أليست هذه أيضاً ديمقراطية؟ ولأن الديمقراطية تسمح بالاعتراض فإن مرسى ومجلس الشورى والإخوان برمتهم يصبح الآن من حقهم الحيلولة دون إصدار حكم الدستورية فى شأن قانون الانتخابات، وذلك بالطرق الديمقراطية المتعارف عليها، أى بمحاصرة المحكمة يوم نظر الجلسة حتى لا تصدر حكمها فى شأن هذا القانون