خطورة الطائفية ... د. شملان يوسف العيسى

خطورة الطائفية  ... د. شملان يوسف العيسى
خطورة الطائفية ... د. شملان يوسف العيسى

خطورة الطائفية

... د. شملان يوسف العيسى

إن الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية، وتحديداً في سوريا، سوف تؤثر على المنطقة العربية ككل، والعراق والخليج بشكل خاص، لأن العراق لا يزال حتى اليوم غير مستقر رغم مرور عشر سنوات على سقوط النظام الاستبدادي لصدام. العراق اليوم يواجه أزمات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية. العراق الذي كان الجميع يأمل بأن يكون أول ديمقراطية عربية تعددية مستقرة، أصبح بلداً ممزقاً طائفياً وينتشر فيه الفساد والمحسوبية وتتردى فيه الخدمات لدرجة أن المفتش الأميركي لإعادة إعمار العراق ذكر في آخر تقرير له قبل بضعة أيام: «لقد أنفقنا 60 مليار دولار في العراق، لكن بدون نتائج تذكر».

ما هي مشكلة العراق اليوم؟ وكيف يمكن أن تؤثر على المنطقة؟

مشكلة العراق أنه أصبح بلداً طائفياً يعتمد على الولاءات الطائفية وأصبح رئيس الوزراء فيه منفرداً بالسلطة والقرار السياسي، دون الالتفات لا للحكومة ولا للبرلمان الوطني المنتخب. لقد أهمل قضايا الإصلاح وإعادة تعمير العراق، خصوصاً في المناطق السنية في الغرب، والتي لم تشهد تقديم أي خدمات، بما في ذلك التعليم والصحة، مما دفع بأهالي الأنبار للتظاهر والاحتجاج، بل ورفْع السلاح من قبل القبائل العربية المطالبة بتحسين مستوى المعيشة. لكن ماذا يعني عدم استقرار العراق؟

لعل الخطورة تكمن في حقيقة أن تدهور الأوضاع في سوريا سوف يزيد من النفس الطائفي المتمثل في حشد المؤيدين لنظام الأسد، خاصةً من إيران والعراق ولبنان وبعض دول الخليج. الأحزاب والتجمعات الطائفية في العراق، والمدعومة من إيران، بدأت تحشد أنصارها للدفاع عن النظام السوري ولمنع سقوطه، لذلك نرى أنصار «جيش المهدي» و«المختار» و«لواء أبو الفضل»... كلها تعمل بأوامر من إيران. الخطورة في الموضوع هي أن مصالح إيران القومية قد لبست لباس الدين والطائفة، حيث يعتبر نظام طهران سقوط النظام في سوريا بداية تقلص نفوذه ومصالحه في المنطقة العربية ككل.

الفصل المذهبي في العراق تمثل مؤخراً في انسحاب وزراء تكتل «العراقية» و«التحالف الكردستاني» من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي يوم 8 يناير 2013، تضامناً مع اعتصامات السنة، دون انسحاب أي وزير من الفصائل الشيعية، كما أن التحالف الوطني الشيعي رفض يوم 9 يناير 2013 كل المطالب السياسية للسنّة.

لذلك فالسؤال المقلق حالياً هو: هل تتصاعد الطائفية في العراق؟ وهل يتمزق العراق العربي؟ عادل عبدالمهدي، نائب الرئيس سابقاً، أكد في تصريح صادر عنه أنه: «لم يعد مسموحاً بقيام نظام يسيطر فيه مذهب أو حزب أو شخص... لقد حاول السنّة ذلك وللشيعة أن يجربوا أيضاً، لكن هذا لن ينجح». كلام عبدالمهدي صحيح جزئياً، لكن ما هي الخيارات المتاحة أمام العرب ودول الخليج العربية لمنع انزلاق العراق نحو الطائفية البغيضة؟

على العرب جميعاً، وأهل الخليج تحديداً، مساعدة العراق وعدم تركه لقمةً سائغةً للنفوذ الإيراني. علينا أن نشجع الحكومة العراقية على توحيد صفوف العراقيين وتأكيد وحدة التراب العراقي، وهذا يتطلب مساهمة كل دول الخليج في إعادة تعمير العراق، ليس بمنح الأموال للسياسيين العراقيين، بل بعمل مشاريع إنتاجية وتشجيع الاستثمارات العربية والخليجية في العراق.

العراق بلد غني بموارده الطبيعية والبشرية، حيث يقدر عدد سكانه اليوم بحوالي 30 مليون نسمة، وكلهم قادرون على إعادة تعمير بلدهم، إذا استطاعت الدول العربية جميعاً إقناع القيادة العراقية بأن من مصلحة العراق والنظام الحاكم فيه حالياً إبعاد الدين والطائفية عن السياسة.