الجيش . . الرقم الصعب بقلم : محمد صابرين

الجيش . . الرقم الصعب   بقلم : محمد صابرين
الجيش . . الرقم الصعب بقلم : محمد صابرين

الجيش . . الرقم الصعب

 بقلم : محمد صابرين

الجيش المصري في الأزمة هو الرقم الصعب و ليس من السهل إخراجه من المعادلة خروج الناس من أجل حماية الجيش أمر لافت للغاية‏,‏ إلا أنه ينبيء بالكثير من الرسائل عن حقيقة توازن القوي في المشهد السياسي المصري في اللحظة الراهنة‏.. ولعل أبرز الرسائل أن الجيش المصري هو الرقم الصعب والذي ليس من السهل تصعيده أو إخراجه من المعادلة, خاصة أن الجيش وقيادته يصرون علي التمسك بالبقاء بعيدا عن ألاعيب الأحزاب والبقاء فوق مناوشات اللاعبين السياسيين و ممناوراتهم الصغيرة, وذلك تمسكا بأن يكون جيش الشعب كله وحاميا لتطلعاته في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, فضلا عن تمسكه بمهمته المقدسة وهي حماية وحدة البلاد والدفاع عن زراضيه ضد أي عدوان, فضلا عن التدخل ضد أي تهديد داخلي. ولعل ذلك هو السر الخالد لتعلق الشعب بقواته المسلحة, إلا وهو ترفعها واستجابتها له عندما يستدعيها كمؤسسة, والرسالة الثانية أن المواطنين ـ أو علي الأقل في جزء كبير منهم ـ لا يفصلون ما بين المؤسسة العسكرية وقيادتها, خاصة إذا كانت القيادة حريصة علي التواصل معهم, وبعث الرسائل الذكية التي تطمئن الشعب علي حاضره ومستقبله.. و من هنا لم يكن غريبا أن يتعلق الكثيرون بالفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة, والذين رأوا فيه حيوية وحكمة وأتزانا, الأمر الذي دفع الآلاف من أهالي بورسعيد ومدن القناة لعمل توكيلات له. وهذا الإجراء عفوي بامتياز وربما يعكس رسالة مزدوجة مفادها ان المواطنين يرغبون في حماية السيسي من أخطار يشعرون بها ولا يرونها ولكنهم استشعروها من الشائعات التي ترددت ضده, الأمر الآخر انها اختارت القائد العام للقوات المسلحة يبعثوا من خلاله رسالة غضب من جراء عدم رضاهم علي أحوالها أو ما تعرضت له مؤخرا. وعند هذه اللحظة فمن المجدي لأطراف اللعبة السياسية المدنية جميعا ان تجري عملية مراجعة شاملة لادائها منذ ثورة52 يناير وحتي الآن, فرغم أن حالة الحب والاحترام ما بين الشعب وقواته المسلحة ظلت هي الأمر الطبيعي في معطم الحالات, كما أن الاعجاب بالسيسي سبقه اعجاب مماثل بالفريق أبوغزالة وزير الدفاع الأسبق صاحب الرؤية. إلا أن الإعجاب هذه المرة يقول ان قطاعا عريضا من الشعب غير راض, أو يشعر بافتقاد شيء ما في الساسة المدنيين, وهو ما دفعه إلي البحث عنه في المؤسسة العسكرية. ولعل قادة جبهة الإنقاذ هم الأولي بمراجعة ادائهم, لأن تفتيش المواطنين ـ أو جزء منهم ـ عن بديل في المؤسسة العسكرية يقول ان برامجهم وأشخاصهم ليست البديل المناسب لهذه القطاعات من المواطنين, كما أنها تبعث لأهل الحكم برسالة موحية خلاصتها انها لاتزال بعيدة عن كسب ثقة هؤلاء المواطنين, وأنها لم تقدم بعد ما يزيل مخاوفها أو شكوكها في قدرتها علي الحكم أو الحفاظ علي التناغم ما بين الاتجاهات المختلفة, كما أن أهل الحكم مازال أمامهم مشوار طويل لإثبات أنهم يراعون مصالح كل المصريين وليس مصالح فئة أو جماعة. .. ويبقي أن المؤسسة العسكرية بالحسابات المجردة ليس من صالحها أو صالح البلاد الاستجابة إلي اغواء الحكم أو التدخل في المشاحنات السياسية, كما أنه لصالح مصر والمصريين أن تبقي المؤسسة مهنية و ان تبتعد بقدر الطاقة عن الانتماء ات الحزبية وان تكون لجميع المصريين. و هذا ليس كلاما عاطفيا بل رؤية واقعية لماذا؟ لأن المؤسسة العسكرية و الفريق أول عبدالفتاح السيسي لم يتطلع إليهما هؤلاء المواطنون بداية إلا لإدراكهما انهما مؤسسة للجميع, وهذا سر الجاذبية, وهذا ما يجعل المؤسسة الرقم الصعب في المعادلة المصرية والمشهد الحالي في البلاد, وفي اللحظة التي تترك هذه الأرضية الأخلاقية العالية فانها ستغوص في بحر السياسة العميق, والتلاسن والدسائس الصغيرة, والمهاترات وقد تتشظي لا قدر الله. وهذا ما لا نريده لدرعنا الأخيرة